المقالات المضمنة في هذا الكتاب، والتي كتبت خلال الأعوام 2005-2010، هي محاولة لتحليل أسباب المشاكل الاقتصادية الأساسية التي تواجه الاقتصاد السوداني الآن، وتحديد أبعادها وسبل مواجهتها، في إطار عرض تحليلي ووفق منظور منهجي بحت· أما الأفكار والمعالجات التي تطرح
You are here
قراءة كتاب الاقتصاد السوداني في مقالات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 2
أداء النمو والسياسات
حقق الاقتصاد السوداني، خلال العقدين الماضيين، متوسط نمو حقيقي دوري إيجابي مقدر تجاوزت معدلاته 5% (الجدول أدناه)، مع العلم بأن معدلات النمو السنوي بلغت أعلى مستوياتها في العامين 2006 (11%)، و2007 (10%) مما ساعــــــد على تحقيق الطفرة العالية في متوسط معدل النمو السنوي خلال الأعوام 2002-2007· من الطبيعـي أن تصاحب معدلات النمو المحقق، والتي تكاد تعادل ضعف معدل النمو السكاني، تحسناً كبيراً في نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للفرد، الذي تضاعف أثناء تلك الأعوام· في المقابل نجد أن مؤشرات النمو الاقتصادي بدأت في التراجع منذ عام 2008 لأسباب عديدة، أهمها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وعدم التكيف مع تلك الأزمة في جانب الإنفاق الحكومي، مما أدى إلى الارتفاع الحاد لمعدلات التضخم على حساب معدلات النمو الاقتصادي الحقيقي·
أنواع السياسات الاقتصادية التي انتهجت خلال العشرين عاماً الماضية لتحقيق النمو الاقتصادي، يمكن تصنيفها كالآتي: سياسات مالية توسعية، أي التمويل بالمكشوف، من دون مقابل من الموارد الحقيقية (1991-1996)؛ سياسات اقتصادية إصلاحية (1997-7002)؛ وسياسات إدارية تراجعية تمثل ردة عن مواصلة الإصلاح الاقتصادي (2008-2010)· الواضح من الوقائع الإحصائية أن سياسات التمويل بالعجز المالي كانت كارثية على المواطن والاقتصاد القومي، رغم معدلات النمو المميزة التي تم تحقيقها· فخلال فترة هذه السياسات التوسعية، بلغ متوسط معدل التضخم الدوري 97% وهو أعلى مستوى له في تاريخ السودان الحديث، كنتاج مباشر للتفاقم التاريخي للنسب السنوية (16%) لنمو العجز المالي للدولة في إجمالي الناتج المحلي، التي ساعدت بدورها في مضاعفة متوسط نمو الكتلة النقدية إلى 75%· كما أن آثار الطلب الفائض في القطاع العام امتدت أيضاً لتشمل الحساب الجاري لميزان المدفوعات، الذي ارتفع متوسط نسبته الدورية في إجمالي الناتج المحلي إلى 31% (1991-1996) من 11% (1985-1990)·
على صعيد الإصلاح الاقتصادي (1997-2007)، نجحت السياسات التي تم تنفيذها في تقليص النفقات العامة، وبالتالي متوسط حجم عجز الموازنة العامة في إجمالي الناتج المحلي، الذي انخفض إلى أكثر من النصف ليصل إلى 7% في الفترة 1997-2001، ثم إلى أقل من 1% خلال الأعوام 2002-2007، هذا بدوره انعكس إيجاباً على فجوة الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، التي تراجع أيضاً متوسط نسبتها الدورية في إجمالي الناتج المحلي إلى 14% أثناء الفترة الأولى، ثم إلى 10% خلال الفترة الثانية·