You are here

قراءة كتاب أديب إسحق: مثقف نهضوي مختلف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أديب إسحق: مثقف نهضوي مختلف

أديب إسحق: مثقف نهضوي مختلف

تتألّف هذه الدراسة من خمسة فصول وخاتمة، عالج الفصل الأوّل الإطار النظريّ، والظروف الفكريّة لأديب إسحق، ممثّلاً بفكر النهضة كإطار عامّ، ومن ثم نشأة تيارات الفكر العربي الحديث وتبلورها، وبخاصة الاتّجاه السلفيّ والاتّجاه الليبراليّ الذي انتمى إليه أديب إسحق، و

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 4
تعرف المشرق العربي (سوريا ومصر) على أوروبا الحديثة (فرنسا) في مطلع القرن التاسع عشر إبّان الحملة الفرنسيّة بقيادة بونابرت سنة 8 9 7 1م، وبهرته قوة أوروبا وتقدمها، وأيقن العربيّ فيما بعد الهوّة الحضاريّة التي تفصل بين الشرق والغرب· وقد زعزع هذا الاكتشاف ركود الذات العربية وتماسكها، فكانت استجاباتها وردود أفعالها ذات طبيعة مزدوجة ومتوترة غير قادرة على التعامل الفعّال مع تجليات التقدم الأوروبي، ولم تجر عملية تمثُّل فعلي لهذا المتغير الديناميكي الذي فرض نفسه معياراً عالمياً للتقدم والنهضة، ولم تفلح محاولات المشرق العربي بالادعاء والتنويه الذاتي والاحتماء بالأمجاد، ولا محاولات الاستغناء والاستعلاء لمجرد امتلاك لغة القرآن وتبني الإسلام، وبخاصّة في زمن الاستعمار والثورة الصناعية، زمن التفوّق والهيمنة الغربيّة، التي أعادت تقسيم العالم وتشكيله سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وحافظت على هذا التشكيل والتقسيم حتى الآن·
 
وبان عجز الشرق وتبعيته الغرب الذي اكتسب دلالات معرفية ثقافية وسياسية تفوق دلالته الجغرافية، فاكتنف قضيةَ النهضة الالتباسُ والغموض، وافتقرت للبحث والتحليل، فهل هي مشروع يتأسس على الماضي لتجاوز الحاضر المتأخر؟ أم هي مشروع مستقبلي يتجاوز الحاضر من خلال قطيعة إبستمولوجية مع التراث؟ أم هي تأصيل وتأهيل لبنى فكرية تتسم بالمحافظة والجمود وإعادة إنتاجها لتساير التحديث الغربي؟
 
لم يعد لإحياء التراث أدنى قيمة وظيفية، بل أصبح قيمة بحد ذاته لما يمتلكه من آليّات دفاع واحتماء ضد الغرب، وأصبح (التراث) هو الأصالة والجوهر والهوية التي لا تقل أهمية عن الوجود، بعكس التقدم والتحديث اللذين أصبحا رمزاً للتغريب·
 
ولم تستطع آليات الرفض والاستبعاد أن تغلق الباب أمام تغلغل القيم الليبراليّة في المشرق العربي، فكان لا بد من القبول بهذه القيم بعد إحساس العربيّ بجدواها وعقلانيّتها، مما فرض طبيعة مزدوجة لقضية النهضة العربيّة، فنشأت الزوجية (الثنائية) المفهوميّة أو إشكاليات النهضة التي لم يتجاوزها الفكر العربي المعاصر بعد، مثل:
 
(الأنا/الآخر)، و(الشرق/الغرب)، و(الأصالة /المعاصرة)، و(التراث/الحداثة)·
 
لقد استندت استجابة المثقفيّن للتحدّي المطروح من الغرب إلى فرضيّة الاستقطاب المألوف بين نظريتين عريقتين: التقليدية والتحديثية· نفهم التحديثية على أنها كناية عن موقف إيجابي أمام التجديد والتغيير، أمام الحضارة الغربية عموماً، أما التقليدية فإننا نفهمها على أنها موقف سلبي تجاه كل أشكال التجديد وضد الغرب (5)·

Pages