You are here

قراءة كتاب أديب إسحق: مثقف نهضوي مختلف

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أديب إسحق: مثقف نهضوي مختلف

أديب إسحق: مثقف نهضوي مختلف

تتألّف هذه الدراسة من خمسة فصول وخاتمة، عالج الفصل الأوّل الإطار النظريّ، والظروف الفكريّة لأديب إسحق، ممثّلاً بفكر النهضة كإطار عامّ، ومن ثم نشأة تيارات الفكر العربي الحديث وتبلورها، وبخاصة الاتّجاه السلفيّ والاتّجاه الليبراليّ الذي انتمى إليه أديب إسحق، و

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
لقد كانت استراتيجية الحكم العثماني في سوريا تنطلق من تشديد قبضة السلطة المركزية على الولايات السورية، إلا أن مشاريع الإصلاح المختلفة نبهت الجماهير السورية واللبنانية أيضاً لضرورة تسوية المشكلات الاجتماعية الناجمة عن الإقطاع والطائفية، فاندلعت ثورة كسروان الفلاحية سنة 0 6 8 1 والتي تحولت فيما بعد إلى مذبحة طائفية بين الدروز والموارنة·
 
وأصبحت دعوات التسامح الديني، ونبذ التعصب، والبحث عن انتماء أوسع من النطاق الدينيّ أو الطائفيّ، إحدى المهام الوطنية عند المفكرين النهضويين؛ فقد بذل بطرس البستاني ( 9 1 8 1- 3 8 8 1) جهداً خاصاً في هذا الصدد، وأنشأ مدرسة عربية وطنية في بيروت سنة 3 6 8 1، ونشر مجلتين أسبوعيتين هما نفير سوريا سنة 0 6 8 1، ومجلة لبنان في سنة 0 7 8 1، وكان همه الأول الوحدة الوطنية وحب الوطن·
 
ونشطت في هذه الأجواء المحافل الماسونية في الشرق تحت شعار (الأخوة العالمية) التي تتجاوز الانتماءات الدينية والطائفية، انضم إليها أديب إسحق وغيره من المثقفين العرب، حتى أن المسيحيين من أعضاء الجمعية السورية العربية انضموا انضماماً جماعياً للمحفل الماسونيّ للالتقاء على أرضيّة مشتركة مع المثقفين المسلمين·
 
ولم تُفْضِ دعوات التسامح والوحدة الوطنية ومحاولات صهر الأقليّات الطائفيّة في مجتمع مدنيّ متجانس إلى نتيجة ملموسة، بل بقيت البنى الأساسية للمجتمع بنى تقليديّة وعشائريّة وحِرفيّة، وطرأ تطور كبير وعنيف على المجتمع العربيّ في سوريا خلال هذا القرن انتهى بزعزعة المجتمع القديم المستقر دون أن يؤديَ إلى إرساء قواعد لمجتمع جديد مستقر أو نامٍ أو متطور(15)، وجرى على إثر ذلك تحويل الأقلّيّات المسيحيّة إلى طبقات اجتماعيّة نخبويّة ارتبطت بالمشروع الليبراليّ الغربيّ ثقافيّاً واقتصاديّاً وسياسيّاً، بسبب الامتيازات الأجنبية، والتطورات الاقتصادية، فكانت أهمّ الوكالات التجارية ومكاتب الاستيراد والتصدير والصحف والمجلات في أيدي المسيحيين (كما يؤكد وجيه كوثراني)، واختلت التوازنات بين الطوائف والطبقات الاجتماعية ذات التنظيم التقليدي الصارم، فأصبح الشيخ والفلاح والجماهير الإسلاميّة الحرفيّة مستغلَّة بشكل أو بآخر من الرأسماليين المحليين، ووكلاء التجار الأجانب·
 
وأدىّ مسيحيو لبنان دوراً ريادياً في هذا المضمار، وبخاصة بعد انقلاب أحمد باشا الجزار وإبراهيم باشا على اليهود الذين كانوا يتحكمون بالأمور الماليّة والاقتصاديّة، فحلّ مكانهم موظفون ومحاسبون مسيحيون من مصر والشام·
 
من جانب آخر، مكّن اتصال بعض الفئات المسيحية ومثقفيها وطلائعها الفكرية مع الغرب، اقتصادياً وثقافياً، من تجاوز الأطر الطائفية الطبقية والنخبوية الاجتماعية التي اكتسبوها سابقاً، واعتناق قيم الحريّة والمساواة والتّسامح والوطنيّة· وأصبحت بيروت وحلب أهمّ المراكز التجاريّة والثقافيّة في المشرق العربيّ·

Pages