You are here

قراءة كتاب حكمة الكذب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حكمة الكذب

حكمة الكذب

هذا الكتاب، (حكمة الكذب) للكاتب صولخان سابا أوربيلياني، الذي نقدم ترجمته للقارئ العربي هو واحد من سلسلة الأعمال الأدبية النثرية والشعرية التي بدأ برعايتها فقيد الأدب الجورجي المرحوم ليوان صاغارادزة، السوري، جورجي الأصل الذي رعى ترجمة وإصدار رأس السلسلة (ملح

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
في هذا اليوم كان النبيل يتنزه في ضاحية المدينة، ولاقى الملك مُتنكراً في زي مُتسوّل. فدعاه إلى قصره واستقبله استقبالاً رائعاً حسب عادته. وبعدما حممه وألبسه الثياب الفخمة لاحظ أنّه أمام رجل مُحترم مهيب طاهر النعمة. فسأله من أين هو قادم؟ ومَنْ هو؟ ولمّا علم بأنّه يُخاطب ملكاً، خرَّ على الأرض ساجداً وحمد الله أن أتاح له شرف استقباله. وخصص لضيف الشرف قصراً منيفاً لا مثيل له حتّى في مملكة الملك نفسه، وراح يعتذر له لأنّه لم يعرفه من الوهلة الأولى.
 
كان القصر فخماً مفروشاً بالسجاجيد والستائر الفخمة من البروكار. وفي القصر أولم النبيل وليمة رائعة على شرف الملك. فقُدِّمَتْ المآكل والمشارب في أواني ذهبية وفضية مُرصّعة بالأحجار الكريمة، وقد قُدِّمَتْ كُلّها بعد الوليمة هدية للضيف الكريم. وعاش الملك تسعة أيام في هذا القصر مُنعماً مُكرماً، تُبدّل فيه الآنية والأغطية كلّ يوم وتُقدّم هدية للملك. في اليوم التاسع اُستُقبِلَ في جناح بجمال لا يوصف، سجاجيده وأوانيه وستائره ذات جمال نادر مُرصّعة كلّها بالأحجار الكريمة، ورأى من الأحجار الكريمة ما شُكِّلَ على أشكال أشجار وأزهار بألوان واحدة مُتميزة. أُهديَتْ له كلّها، كما أُهديَتْ له ثلاث جاريات مُغنيات ما رأت العين مثلهنّ سحراً وجمالاً، وما سمعت الأذن صوتاً مثل صوتهن رخامةً وعذوبةً وسحراً، استأذن الملك بالسفر، ولم يحمل معه من كل الهدايا غير كوب من الماس وحفنة من العقيق وزهرة من الحجر الثمين، واحتفظ بالجاريات المُغنيات وشكر المُضيف بقوله:
 
ــ قدّرني الله على ردِّ كرمك بمثله.
 
وسافر ووصل إلى بلده. وأفرج عن الوزير السجين واعتذر له لتسرعه في الحكم، وكرّمه وأجلسه إلى جانبه، وأقام الأفراح.
 
أمّا اليهودي سيد ذلك الرجل النبيل فكان ساحراً. عرف كل شيء عن أمر الملك وغضب على عامله لأنّه لم يُخبره، وقرَّرَ الانتقام منه بقتله، وتجريده من كلِّ أمواله، وسلّمه إلى اثنين من الجلادين لتنفيذ أمره. فاقتاده الجلادان إلى مكان بعيد، ولكن قبل أن يُنفذا الأمر استعطفهم النبيل أن يبقوا على حياته لقاء حجر كريم كان قد أخفاه في كم قميصه للطوارئ. فقال الجلادان:
 
ــ سيدنا ــ وأنت تعرف ــ مُنجّم ساحر، سوف يراك لو بقيت على وجه الأرض وسيقتلنا بدلاً منك، لذا فاسمع إلى ما سنفعله بك. نضعك في تابوت وننزلك إلى قبر مع الموتى ونتركك لقدرك.
 
وهكذا فعلا. وعندما سأل اليهودي نجومه لم يجد للرجل أثراً على وجه الأرض واعتبره مقتولاً. في هذه الأثناء داهم لصوصٌ المقبرة بحثاً عن الثروة، وفتحوا تابوت الرجل النبيل فوجدوه مُعدماً وهو حي، لذا تركوه وشأنه. وساح الرجل في بلاد عديدة ووصل بحكم القدر إلى بلد ذلك الملك الذي استضافه، إلى خراسان. في ذلك الوقت كان الملك يُحيي احتفالاً، وجواريه يُغنين له. وبالمُصادفة خرجت إحداهنّ إلى الشرفة ورأت الرجل وهو يمرُّ من تحتها، وعرفَتْ فيه سيدها الأسبق، فأجهشت بالبكاء وأسقطت قيثارتها. فلمّا سألوها عن السبب، وصفَتْ لهم ما رأت. وأمر الملك بالبحث عن الغريب حتّى وجدوه وجاؤوا به إلى القصر، وحمّموه وألبسوه حلّة قشيبة وتركوه ليستريح. وبعد أسبوع ركب الملك مع جنده وذهب إلى اليهودي وقتله ووهب ممتلكاته إلى الرجل النبيل، وهكذا ردّ له كرمه.
 
ــ لقد حكيت لك هذه الحكاية لأقول لك، إنّ المال لا يُعطى إلاّ لمن هو بحاجة إليه، ولا يضيع الإحسان عند الله، وأستغرب يا روكا موقفك من هذا الأمر.
 
توالت الأيام، ومرّ بعض الوقت، وأنعم الله على الملك بولد كسف من حسنه نور الشمس، وبهت ضوء القمر، وخطت أجنحة السنونو قوسين فوق عيني الطفل الجميل. وأحاطَتْ أسنة الفحم ببحيرةِ عينيهِ، وتفتح الورد والزنبق على وجنتيه، وسُمي جومبر.

Pages