رواية "أزهى ايام العمر" للاديب موسى فهد شنك، عالج فيها موضوعات تهم افراد المجتمع، وخاصة الشباب باسلوب فني مشوق، الرواية صدرت عن دار المأمون للنشر والتوزيع، بقراءة الرواية يتذوق القارئ طعم التفاؤل من لهفة بنت السابعة عشرة، التي تدفعها الرغبة لتحقيق امانيها ا
You are here
قراءة كتاب أزهى أيام العمر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 7
ثم انصرفت عني، وتركتني في دوامة غامضة من التفكير، في مستقبلي الذي تتوقف نتائجه على احتساء فنجان من القهوة، يقدم لرجل غريب يستغل خجل الفتاة وحياءها، عندما تجلس أمامه، فيحاصرها بجرأته، ويغريها بعبارات متعارف عليها بين الناس في مثل هذه المناسبة. هذا العريس، يعرف قبل كل شيء ما يريده من المرأة...
لأن المرأة عنده أنثى كغيرها من النساء... إلا أنه بكل تأكيد يبحث عن مواصفات ومقاييس معينة رسمها في خياله، قبل أن يطرق أبواب الناس. إنه بلا شك، يبحث عن وجه جميل، وصدر ناهض، وقوام متناسق، وزند عارية و...
فماذا أفعل مع كل هذا التصميم؟
هل يكون الإستسلام لرغبة هذه المرأة هو المصير الذي ألقي نفسي به طائعة دون اعتراض؟
فقد شعرت بأنني أفقد خيط الحنان الذي يربطني بها. أردت أن أضم الى صدري هذه المرأة التي نصفها يغضبني، ونصفها الآخر يحتوي كنز الحنان، الذي لا استطيع الاستغناء عنه...
أحببت أن ترسم قبلاتي وشماً جميلاً على جبينها، إلا أن اصرارها كان حائلاً دون ذلك. فكأن سعادتها لا تكون إلا حيث تبدأ تعاستي، فإن أردت أن أبكيها سبقتها عيني للبكاء، وإن أردت أن أغضبها، كان الحقد من نفسي على نفسي هو الجزاء.
وعندما ذهبت للنوم لم يفارقن احساس بالإحباط من تصرفات هذه الأم، ولم يرحل عني منظرها وهي تلقي إلي بكلماتها التي ما برحت تطرق مسامعي بعنفِ وغضب.
فقد وضعتني أمام موقف سبب لي الكثير من الألم، وجعلني أمضي كثيراً من الوقت، متأملةً قدري الذي ترسم معالمه حسب قناعتها ورؤيتها، ولا أملك الحق في إبداء الرأي أو حتى لا أملك الفرار من هذا المصير.
فأنا لا أستطيع اتهامها بالتخلي عن حنانها، ولا أحد يستطيع أن يوجه إليها شبهةً تجردها من عاطفة الأمومة. ولكن هذا التعجل في اتخاذ القرار، يولد في داخلي اصراراً على التحدي،
فلن يحدث هذا الأمر يا أمي أبداً، ولن يمر هذا القرار بالسهولة التي صورها لك خيال أم لا تنظر لمستقبل ابنتها في غير بيت الزوج. فمنذ هذه اللحظة حتى موعد حضور أولئك الغرباء. سوف يكون لي موقف يحفظ حقي الذي لن أتنازل عنه، وسوف اُحدد هدفاً يترتب عليه مستقبل حياتي.
كان ذلك كفرح يخبو خلف ستائر اليأس الذي يتسرب الى نفسي بلا هوادة. وأنا على يقين بأن جميع المنافذ أغلقت دوني، وأنني أسير في طريق مسدود. ومع هذا فلا بد من محاولة خلق الأمل من رحم العدم، وجمع شتات قوتي لمجابهة الواقع، لأخرج من دائرة هذا اليأس الذي بدأ يمتص الحياة من عمري... فلن أتيح لك يا والدتي فرصة التنبؤ بما سيحدث!