رواية "أزهى ايام العمر" للاديب موسى فهد شنك، عالج فيها موضوعات تهم افراد المجتمع، وخاصة الشباب باسلوب فني مشوق، الرواية صدرت عن دار المأمون للنشر والتوزيع، بقراءة الرواية يتذوق القارئ طعم التفاؤل من لهفة بنت السابعة عشرة، التي تدفعها الرغبة لتحقيق امانيها ا
You are here
قراءة كتاب أزهى أيام العمر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
كنت أراقبهم وكأنما كنت أراقب شبحي بينهم، كشجرة ضلت مكانها في غابة عظيمة الأتساع. فلا أدري هل أحتفي بهذه المناسبة فأفرح، أم اُهيؤ نفسي لارتداء ثياب الحزن؟!
هذا هو الشيء الطبيعي، فكل فتاة تنتظر هذا اليوم، فتعد له العدة على أن يكون الوقت مناسباً. أما وأنا في هذه الحالة فإن الأمر مختلف، والوقت غير مناسب. فقد منحني هذا الخاطر ارتياحاً خفف عني توتر الأعصاب الذي ألم بي منذ أصرت والدتي على تنفيذ رأيها.
أم أنفض يدي من الموضوع برمته وأعتبر أن هذا الجمع، لحظة إهمال طرقت هامش حياتي، وسوف تنجلي دون أن تبقي في ذاكرتي شيئاً يجعلني أحن إليها في يوم من الأيام. ولكنني تذكرت غضبها وما تؤول إليه حالها، فندمت. فكيف أسمح لهذا الخاطر الشيطاني أن يلوث العلاقة بين البنت ووالدتها؟
لا أعرف كيف أضع لهم التصنيف الملائم؟
فليس من الضروري أن يكونوا أبرياء، لأن وجودهم هنا كفيل بأن يضعهم في قفص الإتهام، فهذا الحكم الذي صدر عني، غير قابل للنقض...
فلا بد أن تملك ناصيةالاختيار بنفسك، وعليك أن تحسم الأمر، وإلا سوف تمضي أكثر من نصف عمرك وأنت تعتذر عن ذنوب وجرائم ارتكبها الآخرون، حُسبت عليك،وأنت لا ذنب لك فيها، لأنك أنت الضحية، والضحية لا وزر عليها...
كنت أعتقد أن العريس المناسب لا يختلف عن العملة النادرة، فحيثما تبحث عنه تفقد أثره، إنه لا يختلف عن الأشياء النادرة. فإن لم يكن الزواج عن حب فهو هدية المصادفة. ولهذا قيل إن الزواج قسمة ونصيب... إن طموحي لا يستوعب وجودهم في البيت.
واحترت يومها كيف أتعامل معهم؟
وبأي أسلوب يدور الحديث بيننا؟
وكيف تنطبع صورتي في خيالهم؟
وبأي نتيجية تنتهي المقابلة؟
لا أنكر أنه لم يكن لدي الاستعداد للاختيار قبل مجيئهم، ولذلك فقد صرفت النظر عن اختيار الثوب المناسب، مع أن تصفيف شعري استغرق وقتاً طويلاً. فقد أحببت أن أبدو جميلة، لأن الجمال يمنح الفتاة قوة في شخصيتها. ولكن، سرعان ما تبدل الرأي. حيث في عجلة من الأمر، وضعت بعض المساحيق على وجهي، الذي بدى بكل تأكيد مضحكاً واخترت ثوباً لا يمت لمثل هذه المناسبة بصلة، تتشابك ألوانه في غير تناسق، فضفاض، بحاجة لفتاتين تندسان فيه.
فكان شكلي أشبه ما يكون بمهرج السيرك، بارع في مهنته، يبدو سخيفاً، مضحكاً في نظر الآخرين، رغم أنه ربما كان يكتنز في داخله هموماً وأحزاناً لا قيمة لها لدى المشاهدين، إلا أن وظيفته تملي عليه اسعادهم..
وذهبت الى المطبخ، أعد القهوة، فهي ميزان الحكم. ارتجفت أناملي وأنا أسكب السائل البني في الفناجين.
فهل أوزع الرغوة على الفناجين ليكون منظرها أجمل، أم أسكبها هكذا، كما يحلو، فيختلط الحابل بالنابل فلا تنال رضاهم. واستقر الرأي على جعل مظهر القهوة في النفاجين غير لائق، وهذا هو المطلوب.
ثم حملت الصينية بيد ما زالت مرتجفة، ونفس مضطربة، وقلب يكاد يقفز من مكانه خوفاً وهلعاً من نتيجة لا يُحمد عقباها. وتقدمت نحو صالة الجلوس، أُقدمها للضيوف، وكان علي أن أجلس قبالة العريس، فوق ذلك المقعد الذي أُعد لي كي أكون وجها لوجه للعريس وعلى مقربة منه، وغير بعيدة عن لجنة الاختيار من النسوة اللواتي حضرن معه
ومنذ أن جلست في مقعدي، شعرت أن وخز عيونهم، ينصب بقوة على صدري وخصري وساقي... نظراتهم تزداد حدة وقسوة، فتنشر الألم حيثما تسقط على جسدي فتغرقني بهالة من الإحباط...
ولعل تلك النظرات كانت تجردني من ثيابي، حتى أبدو عارية أمامهم، كي يشبعوا نهمهم...