كتاب " دراسات في السياسة والفكر - الجزء الثاني " ، تأليف د.
You are here
قراءة كتاب دراسات في السياسة والفكر (جزء الثاني )
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ولعل ما يميز التقسيم الثاني كونه قد لفت الانتباه إلى أن مرحلة التحول الديمقراطي مرحلة غير مؤكدة، فقد تنهار النظم السلطوية وتحل محلها نظم ديمقراطية، إلا أنها سرعان ما تنتكس وترتد إلى النظام السلطوي السابق، أي انه لفت الانتباه إلى احتمالات الارتداد والعودة إلى النظم السلطوية ومخاطرها من مواجهات عنيفة قد تؤدي إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي (3).
مفهوم النهضة
ولعل من المهم هنا تقديم تعريف لأهم المفاهيم التي استخدمت كمرادفات لمفهوم الإصلاح، وفي مقدمتها مفهوم النهضة. يمكن القول بأن مفهوم النهضة مفهوم حديث نسبياً يرجع استخدامه إلى أواخر القرن التاسع عشر، وقد شهد هذا المفهوم تطوراً يتجاوز حدود الإصلاح باتجاه تحقيق التقدم والتحديث وإحراز التحرر والوحدة، باعتبار أن النهضة تعني حركة مجتمعية تسعى إلى إكساب الحضارة القومية قدرتها على إنتاج المعارف والمهارات في تعامل متكافئ مع الحضارات الأخرى.
ولعل المشترك بين مفهوم النهضة والإصلاح من حيث الدلالة اللغوية أن كليهما ينطلق من الاعتراف أو الإدراك بوجود حالة من التردي أو الكبوة المراد النهوض منها وتجاوزها، وكذا بالنسبة للإصلاح والذي يعني ضمناَ الاعتراف بوجود خلل أو قصور يرجى تجاوزه أو الخروج منه.
وإن قراءة مشروع النهضة الأوروبي تفيد هذه الدلالة اللغوية لمفهوم النهضة؛ فالمشروع الليبرالي الأوروبي الذي أفرز الدولة الديمقراطية في الغرب تبلور في القرنين السابع عشر والثامن عشر في ظل ظروف سياسية صعبة يحكمها ثالوث الملكية المطلقة والكنيسة والإقطاع.
وغني عن القول، بأن أي مشروع نهضوي لا بد وان يستند إلى عنصري الفكر والعمل، وقد تجلّت تلك العلاقة التلازمية بين الفكر والعمل في معظم المشاريع النهضوية التي شهدها المجتمع الغربي، وإنّ وجود هذا التلازم شرط أساسي لنجاح المشروع النهضوي.