تثار ضجة بين فترة وأخرى حول "قانون الأحوال الشخصية"، ما بين مطالب به ومعارض له. وسبب هذه الضجة سوء الأوضاع في المحاكم الشرعية، من تأخير للقضايا، وعدم إنصاف المتخاصمين إليها وغيره ذلك.
You are here
قراءة كتاب لماذا يطالبون بقانون الأحوال الشخصية؟
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

لماذا يطالبون بقانون الأحوال الشخصية؟
الوقفة الثانية: مرجعهم في تقرير المسائل التي اختاروها هو الاتفاقيات الدولية لا ما يثبته الدليل:
الملاحظ على الدراسات التي أعدت في شأن المطالبة بقانون للأحوال الشخصية أنها تبحث في كتب العلماء وفي الأدلة الشرعية ما يناسب المنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية، وليس رائدهم الدليل والحق وما يمليه عليهم الإسلام.
ففي مسألة الولاية في عقد النكاح طالبوا بإلغاء الولي كشرط صحة في عقد النكاح واستندوا في هذا المطلب إلى قول أبي حنيفة وقانون الأحوال الشخصية في تونس. يقولون: “لذلك نرى أنه وتحقيقاً للعدالة وإنصافاً للمرأة أنه إذا تقدمت المرأة العاقل البالغ الرشيدة إلى القاضي بطلب الزواج أن يتم تزويجها واعتبارها ولية نفسها في الزواج، وهو ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة وما تأخذ به قوانين الأحوال الشخصية في تونس” (13).
واستندوا إلى بطلان قول من يقول بخلاف ذلك إلى العقل، فقالوا: “كما أنه لا يتلاءم مع عصرنا الحالي الذي نعيش فيه ولا يتفق مع العقل والمنطق”(14).
ومما يدل على أن المرجع هو المواثيق الدولية وليست الشريعة الإسلامية ما جاء في الورقة الأولى لمؤتمر “المرأة والقانون” والتي بعنوان “حقوق المرأة في المواثيق الدولية: دراسة مقارنة” للقاضية محرزية زينب بنت عياد حيث تقول: “وقد تفاعلت التشاريع الوضعية للبلدان العربية مع مضمون المواثيق الدولية، فاعترف أكثرها بحق المرأة في العمل وإلغاء أشكال التمييز منها مع اعتبار خصوصيات أوضاعها فنصت على أحكام متعلقة بالأمومة”(15).
وتقول أيضاً: “وقد تناولت هاته المواثيق كامل مجالات الحياة العائلية انطلاقاً من إبرام عقد الزواج إلى انحلاله ومروراً بعلاقة الزوجين ببعضهما أو بأطفالهما ووصولاً إلى جنسية المرأة بعد زواجها وحقها في الإرث إلى مبدأ المساواة في اختيار الزوج والحقوق أثناء الزواج وعند فسخه والولاية والقوامة على الأطفال واختيار اسم الأسرة والمهنة والوظيفة والملكية فضلاً عن تمتع المرأة بحقوق مساوية للرجل في مادة الجنسية من حيث الاكتساب والتغيير وإسنادها لأبنائها …
وقد اتخذت المجتمعات العربية إجراءات تتناسب في معظمها مع أحكام المواثيق الدولية المقرة لحقوق المرأة في مجال الحياة العائلية وأدخلت تعديلات على قوانينها الوضعية فقضت على العادات القديمة وعدلت صيغ إبرام عقد الزواج وأوجبت تقديم شهادة طبية سابقة، وأوجبت الحضور المباشر للزوجة عند إبرام عقد الزواج، وقننت سن الزواج، وأوكلت مسألة اختيار الزوج لزوجته.
ونظمت شروط الزواج المتعدد، فأوجبت إعلام الزوجة بالزواج بثانية، واشترط بعضها علاوة على الإعلام قدرة الزوج على الإنفاق وعدم مساكنة الزوجتين الأولى والثانية، ومكن بعضها الآخر الزوجة من اشتراط عدم الزواج بثانية عند إبرام العقد أو السماح له بذلك لسبب مشروع”(16).
فهذا شهادة منهن على أن القوانين قد وضعت وصيغت لتناسب ما في المواثيق الدولية.
وفيما يلي مثال من هذه المواثيق الدولية التي وقعت عليها كثير من الدول الإسلامية والتي تؤكد أن ما يطالبون به في قانون الأحوال الشخصية إنما هو مبني على تلك المواثيق لا على الحق الذي نزل من فوق سبع سموات.
جاء في الهدف الاستراتيجي لام - 1: القضاء على جميع أشكال التمييز ضد الطفلة.
الإجراءات التي يتعين اتخاذها:
274- من جانب الحكومات:
(د) إزالة ما تواجهه الطفلة من غبن وعقبات فيما يتعلق بالإرث، حتى يتمتع كل الأولاد بحقوقهم دون تمييز، وذلك عن طريق جملة أمور، منها القيام حسب الاقتضاء بسن وإنفاذ التشريعات التي تضمن لهم المساواة في حق الخلافة، وتكفل لهم المساواة في أن يرثوا بغض النظر عن جنس الطفل.
(ه) سن وإنفاذ القوانين الكفيلة بأن لا يتم الزواج بغير الرضا الحر والكامل للمقدمين على الزواج، ويضاف إلى ذلك سن القوانين المتعلقة بالحد القانوني الأدنى لسن الرشد والحد الأدنى لسن الزواج، وإنفاذ تلك القوانين بصرامة، ورفع الحد الأدنى لسن الزواج عند الاقتضاء.
275- من جانب الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية:
(ب) توليد الدعم الاجتماعي لإنفاذ القوانين المتعلقة بالحد الأدنى القانوني لسن الزواج، ولاسيما من خلال إتاحة الفرص التعليمية أمام البنات(17).
فهذه الفقرات تبين لنا بوضوح أن المسألة ليست حرصاً على اتباع الحق الصادر من التشريع الرباني، وإنما هي اتباع واضح لمواثيق دولية يراد تطبيقها في واقع المسلمين.