قراءة كتاب هبة الله

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هبة الله

هبة الله

تأتي هذه الرواية (هبة الله) بعد روايتي الأولى (الزيت المبارك) والتي أخذت طريقها نحو المطبعة، راجياً أن يستمتع بهما القارئ، ويجد فيهما كل خير وفائدة ومنفعة، وأن يتركا بصمات وآثاراً واضحة على طريق الرواية الأصيلة، التي تستمد وجودها من الحق الباقي الذي قام علي

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

( 5 )

تنزل هدى من الحافلة على طرف حي البيادر وهي تتأبط حقيبتها والهدية الملفوفة , وتتحرك باتجاه البيت .
تلاحظ السيارة البي أم الفخمة التي تنتظرها كالعادة من بعيد , وتمر من أمامها مرتين يوميا ً ذهابا ًوإيابا ًًوهي تصدر الأغاني الصاخبة , كانت السيارة في البداية تقترب منها كثيرا ً , ويصدر من صاحبها بعض كلمات الغزل الرخيصة , ولكن بعد أن قامت هدى بصده والإعراض عنه , صار من بعيد يراقبها , وينظر إليها .
إنه فراس جلال ذلك الشاب العابث والذي تجاوز الثلاثين من غير زواج , ويقضي لياليه الماجنة في أماكن اللهو والحرام .
ُتعرض هدى عنه , فهو لا يستحق أكثر من الإعراض والإهمال . وإثارة الموضوع مع أمها ومن ثم مع أهله , سيجعل الألسن تلوك في عرضها , وتؤلف القصص المنكرة عنها وعن سلوكياتها المنحرفة , دون أن يتقوا الله ويخافوا من عقابه .
تحضر مشاهد المدرسة المختلفة , فتطرد هدى من رأسها صور طالبات الصف الثالث والدفاتر الكثيرة غير المصححة والأخطاء الإملائية , تحاول دائما ً أن تفصل بين حياتها الصاخبة مع الطالبات في الصف وبين حياتها خارج المدرسة , تستغل وقت الاستراحة وحصص الفراغ القليلة , لرصد الغياب والعلامات والملاحظات والتحضير المكتوب , ثم تخرج من المدرسة بالحقيبة المعلقة على كتفها , ويدها تتحرك على جلبابها الطويل , وكأنها تنفض غبار التعب عن جسمها وروحها .
هذه هي السنة الثانية لها في التعليم , وهي تتذكر نصائح زميلتها هيام ذات الخبرة :
- " افصلي بين حياتك داخل المدرسة وخارجها . إذا لم تفعلي ذلك فستعيشين في إرهاق كامل , وستلازمك ضوضاء الصفوف وإزعاجات الطالبات "
ترد هدى مستغربة :
- " ولكن كيف سأفعل ذلك ؟ من الصعب الفصل "
- " حاولي باستمرار , ومع تكرار المحاولة , ستنجحين "
- " ولكن ما الخطر في عدم الفصل "
- " يا حبيبتي , إذا فصلت بين وقت الضوضاء ووقت الراحة , فسيسترخي عقلك وجسمك , وستشعرين يوميا ً بأنك مولودة جديدة . أما إذا لم تفعلي فانتظري مالا تحمد عقباه "
تتساءل هدى في خوف :
- " مثل ماذا ؟ "
- " ستصابين - لا سمح الله - بالضغط أو السكري أو غيره من الأمراض "
تستنكر هدى :
- " معقول ! هل هناك دراسة على هذا الموضوع ؟ "
- " لا دراسة ولا ما يحزنون . التجربة والخبرة هي الحكم . لاحظت أن المعلمات المندمجات في التعليم على مدار اليوم والليلة بالعمل الجاد في المدرسة , والتفكير والهم في البيوت , ينتهين صغيرات . شمعة حياتهن تذوب وتنطفئ بسرعة "
- " أعرف بعض الأسماء من المعلمات المعمّرات رغم هذا الكلام مع شديد احترامي "
- " غالبا ً ما تكون هذه المعلمات من النوع الذي ينسى بسرعة , ويفصل بين البيت والمدرسة , أو أن طبيعة العمل في المدرسة مختلفة "
- " ما طبيعة العمل المختلفة ؟ "
تجيب هيام بهدوء واطمئنان :
- " بعض المشاركات في التعليم لا نعدهن نحن من المعلمات , مثل أمينة المكتبة أو قيمة المختبر أو السكرتيرة , أو المرشدة , أو معلمة الرياضة أو المديرة أو المساعدة أو من يعملن عملا ً مكتبيا ً في مديريات التربية .
وباختصار المعلمة هي التي تدخل إلى الصفوف بشكل يومي من صف لصف , وتستخدم لسانها حتى ينتهي الدوام "
تصمت هدى وهي تفكر في كلام هيام ومحاولة الحكم عليه , فتضيف هيام :
- " إلا أن معلمات مندمجات أخريات لا يصبن بالأمراض , ولكن يصبن بما هو أخطر "
- " أخطر ! ما هو الأخطر من الأمراض وانتهاء العمر "

Pages