كتاب "نساء مؤمنات"، للإمام يوسف القرضاوي، يقول في مقدمته: كتبت عن الإيمان والحياة ، وعن قضايا الإيمان الكبرى ، مثل قضية وجود الله جل جلاله ، وقضية التوحيد أساس الإيمان ولبه في الإسلام ، وقضية الإيمان بالقدر وغيرها .
You are here
قراءة كتاب نساء مؤمنات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عليّ يخطب فاطمة
كان للنبي عليه السلام أربع بنات كلهن من خديجة ، أكبرهن زينب ، ثم رقية ، ثم أم كلثوم ، ثم فاطمة .
أما زينب فتزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع ، وأمه هالة بنت خويلد .
وأما رقية وأم كلثوم تزوجتا من ابنى أبى لهب : عتبة وعُتيبة ، فلما نزلت سورة ضغط أبو لهب وامرأته على ابنيهما أن يُطلِّقا ابنتي محمد فطلَّقاهما ، وتزوجهما ذو النورين عثمان بن عفَّان واحدة بعد الأخرى .
وأما فاطمة فقد كانت أصغرهن ، ولم تبلغ مبلغ النساء إلا في المدينة ، وهناك أراد عليّ بن أبي طالب أن يتقدم إلى رسول الله لخطبتها ، فذهب إليه يُقّدِّم رجلاً ، ويُؤخِّر أخرى ، وتدفعه الرغبة والحب ، ويمنعه الحياء والفقر .
وها هو يحدثنا فيقول : أردتُ أن أخطب إلى رسول الله ابنته ـ والله ما لي شىء ـ ثم ذكرتُ صلته وعائدته ، فخطيتها إليه ، فقال : وهل عندكَ شىء ؟ فقلت : لا ، قال : فأين درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا ؟ قلتُ : هي عندي ، قال : فأعطها إياها ، فكانت تلك الدرع مهر بنت رسول الله .
وبهذا ضرب الرسول مثلا للآباء في تزويج بناتهم أن يكونوا مُيَسِّرين لا مُعَسِّرين .
وضرب علىٌّ مثلاً للشباب المؤمن حين يقدم على الزواج ـ وإن لم يكن معه فضة ولا ذهب ـ معتمداً على معونة ربه ، وعزيمة قلبه ، وحقٌّ على الله أن يعين كل شاب يريد العفاف .
وضربت فاطمة مثلاً للفتاة المؤمنة التي يهمها من الرجل إيمانه وخُلقه ، لا درهمه وديناره ، يهمها ما يحمل بين جنبيه من نفس ، لا ما يحمل بين يديه من نفيس .
لقد أعلن النبي لأصحابه أن خير الصَداق أيسره ، وقال لباغي الزواج : التمس ولو خاتماً من حديد ، وحينما أخبره بعض الصحابة أنه تزوج المرأة على أربع أواق قال له متعجباً مستكثراً : كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل !
تلك هي تعليماته النظرية ، وإرشاداته القولية ، وهو في زواج ابنته يضيف إلى القول الفعل ، وإلى التوجيه التنفيذ ، وما أحسن القول يزينه العمل ، وما أجمل النظرية يؤكدها التطبيق ، وما أروع التشريع يسنده التنفيذ ، وما أنفع التربية تقوم على الخُلق العملي ، والأُسوة الطيبة ! !
عرس نموذجى
عقد عليّ عَلَى فاطمة ، ولم يدخل بها إلا بعد أشهر ، وذلك بعد انتصار الإسلام في بدر ، وكأنما أراد رسول الله أن يتم الفرحة بنعمة الله عليه ، فبنى هو بعائشة ، وبنى علىّ بفاطمة .
أتدري ماذا كان جهاز فاطمة الزهراء ؟
كان جهازها خميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ، ورحا وسقاء وجُرَّتين ، ذلك هو جهاز سيدة النساء ، وكريمة سيد الأنبياء ! !
أتدري كيف تم العرس ؟
يقول جابر بن عبد الله : حضرنا عرس عليّ ، فـمـا رأيتُ عرساً كان أحسن منه ، حشونا البيت طيبًا ، وأتينا بتمر وزبيب فأكلنا ، وكان فراشهما ليلة عرسهما إهاب كبش ! !
بهذه البساطة والتواضع تم هذا العرس المبارك ، كما تم من قبـل الزواج والمـهـر والجهاز بلا تعقيد ولا تعويق ، ولا شطط ولا إسراف .
وقال الرسول لعليّ في ليلة الزفاف : لا تُحدث شيئاً حتى آتيكما ، فذهب إليهما فدعا فاطمة ، فقامت إليه تعثر في ثوبها من الحياء ، فقال لها : إني لم آل أن أنكحك ـ أي أزوجك ـ أحب أهلي إليّ . ودعا بماء فتوضأ منه ، ثم نضح منه عليهما ، وقال : اللَّهم بارك عليهما وبارك فيهما ، وبارك لهما في نسلهما .
وتلقفت السماء الدعاء ، فبارك الله في نسل عليّ وفاطمة ، وانقطع نسل النبي عليه السلام إلا منها . . .


