كتاب " ايديولوجية العولمة " ، تأليف مازن منصور كريشان ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب ايديولوجية العولمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

ايديولوجية العولمة
(3) من اخطر انواع التضليل الفكري الذي تبنته الماسونية المتهودة هو (نظرية التطور) لصاحبها ( شارلزداروين) (Chrles Darwin (48) . والتي ارجع فيها اصل الانسان الى القرد، وان كل شئ يتحول ويتغير ولا يبقى على حاله، ثم جرى محاولة تطبيق ذلك على الاديان والاخلاق والقول بان الاخلاق تتطور مع العصور وان الاديان تتطور مع البيئات، ومن مذهب التطور انطلقت كل المذاهب والدعوات والفلسفات المادية، فقد اعتبر قاعدة لعلوم جديدة وهي: مقارنة الاديان، وتفسير التاريخ، وعلم النفس، والاخلاق، والقوميات، والاقتصاد، والاجتماع (49).
ولقد كان القول بالتطور المطلق سبيلاً الى نزع القداسة عن الاديان، والقوانين والقيم والاخلاق والسخرية منها والدعوة الى التحلل والاباحية وانكار مقومات المجتمعات على النحو الذي كشفت عنه نظريات اليهود الثلاث: (كارل ماركس) (Carl Marcos (50)، و(سيجموند فرويد (Sigmund freud (51)، و(اميل دوركهايم) (Emil Durkheim (52).
ان كثيراً من افكار فرويد اصبحت بعداً اساسياً في الخطاب الحضاري الغربي الحديث وقد اثر التحليل النفسي في معظم المدارس والاتجاهات الفكرية الغربية الامريكية الحديثةـ وقد اكتسب فكر فرويد مزيداً من الاهمية والمركزية بعد سقوط الاتحاد السوفيتى والمنظومة الماركسية ومع شيوع فكر ما بعد الحداثة والتمركز حول الانثى والاعتماد المتزايد بالجسد والجنس والانسان الجسماني في الحضارة الغربية الامريكية الحديثة (53) .
(4) وكان من اهم افرازات الفكر الماسوني المتهود (الأيديولوجية الشمولية ). لقد ادارت الماسونية العالمية المتهودة دفة النظام الرأسمالي والنظام الشيوعي في ان واحد من خلال لعبة صراع الاضداد بمكر عظيم ودهاء منقطع النظير، تتلخص بوضع الشعوب ومبادئها بين مجرىرحىيدوران دورتين متعاكستين(54).
الاول يدور على قطب الديكتاتورية المقنعة برأس المال، دورة من اليسار الى اليمين، في ظل ديمقراطية عامة، والثاني يدور على قطب ديكتاتورية الحزب الحاكم المتمثلة بدكتاتورية هرمه، دوره من اليمين الى اليسار في ظل دعاوى العمال ومظاهرها التطبيقية في مجالات النقابات ونحوها (55).
حتى اذا تم لهذه الرحى ان تحطم الشعوب ومبادئها وقيمها وتطحنها طحناً عندئذ يقوم المدير الخفي لهذه الرحى – الماسونية العالمية المتهودة - بتكسير حجريها معاً بعضهما ببعض وبذلك يتحقق لواضعي الخطة كما يتصورون اقامة دولتهم العالمية القادرة على امتلاك الارض(56).
وفي ظل تلك الحقبة من ظهور الأيديولوجيات تفاقم الجدل والخصومات بين الحركات (الليبرالية) (Liberalism (57) و(الاشتراكية) (Socialism (58) ، على وسائل العمل وقضايا الحكم والديمقراطية والصراع الطبقي والملكية الفردية والسلام العالمي والعلاقة بين الوطني والأممي وعلاقة الدولة بالثورة والمجتمع، ومستقبل المستعمرات (59).
فقد كان الاتجاه الاشتراكي يدعو الى اعادة بناء الكيان الاجتماعي ويعادي الرأسمالية، لكن بقي ينظر اليها بأنها تمهيد للمجتمع الاشتراكي مما يعني ان الثورة الروسية عام 1917 كانت نقطة تحول استراتيجي في تاريخ ذلك الاتجاه (60) .
وفي تلك الحقبة غربت شمس علم الأفكار وفرغ مصطلح الأيديولوجية من مضمونه السابق في عهد (دي ستت دي تراسي)De Stutt De Tracy وحل محله مفهوم (كارل ماركس) Carl Marx ذو الاساس التحليلي للبنية الاجتماعية، الذي اصبغ على مصطلح الأيديولوجية معنىالتعبير عن مصالح الطبقة السائدة والستار الذى يخفي خبايا السيطرة وتشويه الوعي بما تمثله الأيديولوجية من امكانية في التسويغ والتضليل (61).
وكان ماركس يعتقد ان (البروليتاريا) (Proletariar (62)وحدها القادرة على مجاوزة حالة التزييف الأيديولوجى بالسيطرة على وسائل الانتاج، واعادة تأسيس كل نظرة الى الحياة والفكر تأسيساً عقلياً تتلاشى معه اوهام الأيديولوجية (63).
غير ان الأيديولوجية السائدة في مركز القوة المسيطرة عالمياً لم تكن تستوعب ما حولها من عالم متغير نتيجة الالتفاف حول الذات وادارت ظهرها لعالم العصر المتمثل في التجارب والانماط الثقافية والتكوينات الاجتماعية، فبقيت صورة العلاقة بين الغرب وامريكا من جهة وبين العالم من جهة ثانية نوعاً من الوعي المزيف في عقل تلك الأيديولوجية التي ظلت تعتقد بأنها أيديولوجية كل المجتمعات طالما هي الأيديولوجية السائدة مما اوقعها في الوهم الأيديولوجى بالذات (64).
ولقد كانت المفارقة الابرز اطلاق بعض المثقفين في الغرب شعــار " نهاية الأيديولوجية " الذي جاء في الوقت الذي شهد الثورة الصناعية الثانية التي ترافقت مع الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي و الشيوعي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وهو صراع استراتيجي وأيديولوجى في جوهره (65).
وبينما كانت اصداء تلك الاصوات تتردد في سبعينيات القرن العشرين كانت الأيديولوجيات القومية التحررية، تتبنى مشكلات التنمية الوطنية ، وتحقيق الذات ، وتمنح مفهوم الأيديولوجية محتوى ومفاهيم جديدة تتصل بالمعاناة الانسانية العميقة للشعوب الفتية، فلم تعد الأيديولوجية افكاراً قبلية وتصورات مغلقة او وعياً زائفاً يعبر عن الطبقة السائدة، بل اصبحت منهجاً يترجم امال امم بأكملها في التقدم والتحرر وتقرير المصير(66).
وفي نهاية القرن العشرين انهارت التجربة الشيوعية في الاتحاد السوفيتى ودول شرق اوروبا – كما خططت لها الماسونية المتهودة – وتجدد الحديث عن فكرة نهاية التاريخ (67) بانتصار الديمقراطية الليبرالية واقتصاديات السوق او – أيديولوجية العولمة – بصورة حاسمة حتى بدا وفقاً لنظرية نهاية التاريخ ان هناك ممراً اجبارياً واحداً للتاريخ لا بديل له هو النظام الرأسمالي العالمي (68).
ان اطروحة " نهاية التاريخ" او " نهاية الأيديولوجية " ما هي الا دعوة أيديولوجية، انها بعبارة ادق تحاول تكريس نفسها ومنظومتها من خلال نزع الشرعية عن اية أيديولوجية واكسابها لنفسها بعد الايهام بتحرير منظومتها عن الأيديولوجية (69).
وفي الخطاب الليبرالي تنتهي الأيديولوجية باكتشاف البشرية احلام العدالة والحرية والمساواة وتجد تشخيصها المؤسسي فقط في النظام السياسي الليبرالي وفي النظام الاقتصادي الرأسمالي، فقد استأنفت الليبرالية القول الأيديولوجى واضعةً بذلك حداً لزعم أيديولوجى هي نفسها طرف فيه ( نهاية الأيديولوجية ) وهذا الاستئناف وهم تقبع فيه اكثر الادعاءات الفكرية أيديولوجية (70).
وعليه فالعولمة أيديولوجية تبشر بجملة من النهايات (نهاية التاريخ، نهاية أيديولوجيا، نهاية العقائد والاديان والنظريات، ونهاية الدول الوطنية، ونهاية القوميات) لتحل محلها الأيديولوجية الامريكية التي تقوم على مفاهيم مزدوجة هي:
(الصهيونية المسيحية، الليبرالية الجديدة او اقتصاد السوق) وتكوين انسان جديد ذي هوية عالمية بعيدة عن هويته واتجاهاته الدينية.