كتاب " ايديولوجية العولمة " ، تأليف مازن منصور كريشان ، والذي صدر عن دار آمنة للنشر والتوزيع عام 2014 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب ايديولوجية العولمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
ايديولوجية العولمة
مفهوم العولمة
اولاً: اشكالية المفهوم
منذ عقدين من الزمن ومصطلح العولمة يثير الكثير من الجدال والنقاش في الاوساط الاكاديمية، والسياسية، والثقافية، والاعلامية، وغيرها، ابتداءاً من التعريف بالمفهوم مروراً بتحديد مظاهر العولمة وابعادها، وطبيعة القوى الفاعلة المحركة لها، اضافة الى رصد وتحليل تأثيرها وانعكاساتها الايجابية والسلبية القائمة والمحتملة على الدول والمجتمعات، وخاصة الوطن العربي والعالم الاسلامي، حتى ان البعض وصف العولمة بأنها مفهوماً مراواغاً من الصعب تحديده وهذا يعني ان عملية الفهم الصحيح تقتضي معرفة المنظور الخاص بكل باحث على حده (81).
واخذت قضية العولمة ومنذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي تتردد بشكل كبير في وسائل الاعلام، وروج لها الامريكان بشكل مكثف، واصبحت العولمة عند الرجوع الى عقد التسعينيات وما حدث فيه من تطورات الاطار المرجعي لكل الدراسات الاجتماعية والانسانية (82). وبشكل عام فان فهم ماهية العولمة يطرح ثلاث اشكاليات:
الاشكالية الاولى: تتمثل في عدم وجود تعريف جامع ومحدد لمفهوم العولمة نظراً لان ابعاد الظاهرة التي يعبر عنها المفهوم لا زالت تتزايد مع مرور الوقت، ومن جهة اخرى فان فهم الباحثين للعولمة ومضامينها يتفاوت تفاوتاً بيناً بحسب اختصاص كل واحد منهم او اتجاهه الفكري.
الاشكالية الثانيه: وتتمثل في الخلط بين حداثة المفهوم الذي شاع استخدامه منذ مطلع التسعينيات وقدم الظاهرة التي يعبر عنها ويحاول المؤرخون تتبع جذورها التاريخية.
الاشكالية الثانيه: وتتمثل في الخلط بين حداثة المفهوم الذي شاع استخدامه منذ مطلع التسعينيات وقدم الظاهرة التي يعبر عنها ويحاول المؤرخون تتبع جذورها التاريخية.
الاشكالية الثالثة: تبرز من خلال الخلط بين مضمون الظاهرة، والتجليات المختلفة كالسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها التي تعبر عنها (83).
ثانياً: العولمة لغةً.
يعاني مصطلح العولمة اساساً من اختلافات منهاجيه في اللغات الاوروبية وبالتالي تنعكس على الترجمات الى اللغة العربية، فالعولمة واحدة من ثلاث مصطلحات جرى طرحها ترجمة للكلمة الانجليزية (Globalization) والآخران هما (الكوكبة) و(الكونية) (84).
واما تعريف ( العولمة ) في اللسان العربي فهي من ( العالم ) ويتصل بها فعل ( عولم ) على صيغة ( فوعل ) ويلاحظ على دلالة هذه الصيغة انها تفيد وجود ( فاعل، يفعل ) وهذا ما نلاحظه على صيغة (Zation) في الانجليزية، على خلاف صيغة (Globalism) التي تعني العالمية (85).
وفي البحث عن المصطلح في الانجليزية هو( Globalization ) وفي الالمانية ( Globalisierung ) نجد ان المصطلحان مشتقان من جذر لاتيني واحد وهو (Globe) بمعنى الكرة الارضية، الا انه يختلط في المفهوم الاصطلاحي احياناً وكذلك نجد ان مفهوم ( العالم )بالفرنسية(mond ) والانجليزية( world ) يمثل مع اصطلاح( العالمية) ( Globalism ) بالإنجليزية و(Globalitar ) بالالمانية (86).
مقابلاً لكلمة ( universe ) بالانجليزية و ( Le mond ) بالفرنسية التي تعني الكون، أي ان مفهوم العالمية يقابل مفهوم الكونية مصطلحاً اذ ان العالم والكون بالمعنى العام في تعريفه الفلسفي هو( مجموع ما هو موجود في الزمان والمكان ) (87).
ان هذه الاختلافات البينة في المعنى في اللغات الاوروبية صادفت ايضاً اختلافات بينه في تعريف او ترجمة هذه المصطلحات الى العربية، فالبعض ترجم مصطلح العولمة الى ( الكوكبة ) واخر ( الكونية ) ومنهم من خلط في المعنى بين ( العولمة والعالمية ) وعدهما مترادفتان لمفهوم ( التدويل ) (88) .
في المعاجم العربية نجد ان كلمة ( العالم ) التي اشتق منها مصطلح ( العولمة ) تعني ( الخلق ) الذي يذكر ويؤنث (89) ، ويجمع (العالم ) الى (العوالم) بكسر اللام و(العالمون) اصناف الخلق (90) ونصت هذه المعاجم العربية جميعاً على ايراد فعل ( عولم ) على صيغة ( فوعل ) لذا فان مصطلح العولمة في صيغته المشتقة من كلمة ( العالم ) انما تمثل انزياحاً اصطلاحياً قائم على توليد مصطلح جديد من خلال الاشتقاق القائم على انتقاء وحدة معجمية لتصبح وحدة مصطلحية بفعل انزياح الدال المعجمي على مدلوله وتوظيفه للدلالة على مدلول اصطلاحي خاص وهو( العولمة )، اضافة الى ان انتشار استخــدام مصطلــح( العولمة ) قد حسم استخدام هذا المصطلح كمقابل للمصطلح الاجنبي (Globalization ) (91).