You are here

قراءة كتاب الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية

الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية

كتاب " الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية " ، تأليف ماريانا خاروداكي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

وفي حالة إيران، يعتبر أولسون القضية الكردية «مسألة»، معتقداً أنَّ القوى الإقليمية تستخدم الكرد في مواجهة بعضهم بعضاً. لكن هذا الرأي ليس جديداً، فما من شيء اسمه «مسألة» محددة برز في إيران، بعيداً من القضية الكردية نفسها. واستمرت الحركة الكردية، بالنسبة إلى انقساماتها المتعددة، مهمشة من قبل الفسيفساء الثقافية المشتركة في الدولة والخاصة بالإثنيات الساعية إلى حقوق، وتحديد وضع المواطَنة على أساس الانتماء الإيراني ذي الأصول الفارسية، والحقوق الثقافية للكرد حتى ولو كانت محددة عملياً، في مقابل الجماعات الكردية الأخرى(20).

وفي حالة تركيا، يشار إلى القضية التركية باسم «المشكلة الجنوبية الشرقية» بسبب تخلف الجنوب الشرقي مقارنة بسائر الأطراف حيث تتركّز أغلبية الكرد(21). وثمة أيضاً «مشكلات» مثل «مشكلة حزب العمال الكردستاني»، وتشابك السياسات الكردية المحضة للدولة بنكران الحقوق الثقافية والإنسانية للكرد، و«المشكلة» المتمثلة بـ «عدم الاعتراف» بالكرد، وجهود الحكومة لدمجهم في الثقافة التركية بأي وسيلة(22). ووصلت القيادة التركية إلى نقطة الإعلان أنَّ لا شيء اسمه «المشكلة الكردية»(23)، لكن وفي الوقت نفسه تطرح الانقسامات الداخلية لأنقرة باعتبارها مشكلة وطنية داخلية، إلى جانب التنافس بين القيادتين السياسية والعسكرية، وكذلك تدخل الأخيرة في السياسة في شكل مباشر أو غير مباشر، ثنائيات تعيق عملية الدمقرطة الخاصة بتركيا(24).

وتتمثّل «مشكلة» أخرى في أن سياسات الدولة في شأن الكرد، بعد التجربة المدمرة لتقسيم الإمبراطورية العثمانية المتعددة الإثنية، تشكّلت من مخاوف التفكك الجغرافي. وهكذا تعتقد تركيا بأن أي تنازلات في الشأن الكردي في شكل حقوق ثقافية أو حقوق سياسية سيعزز المنظور القومي لتركيا ويجعل الكرد «مشكلة» لقيادتها(25). ويتعزز أكثر فأكثر اعتبار تركيا القضية الكردية «مشكلة» من خلال النشاطات المتطرفة لحزب العمال الكردستاني والاضطرابات التي حصلت بعد اعتقال زعيمه في كينيا (16 شباط 1999)(26). ووفق الدولة التركية، اعتبِرت القضية الكردية أيضاً بأنها «قضية عنف تشجعها قوى خارجية»(27).

وفي حالة سوريا، يتضمن الموقف الرسمي للحكومة ما يلي: «ليس ثمة ما يسمَّى مشكلة كردية في الجمهورية العربية السورية [...] ولا يشكّل الكرد مجموعة لأنهم موجودون في مختلف أرجاء البلد ويشكّلون جزءاً من نسيج المجتمع السوري»(28). وينبع هذا الموقف من الافتراض السوري بأن كرد سوريا هم أساساً مهاجرون من تركيا والعراق(29). وهذا الموقف هو ما يثير «مسألة» المواطنية الكردية والحقوق الاجتماعية، ويشرح أيضاً تحديد الكرد كصامتين أو منسيين أو أجانب(30). وأشارت البحوث في «مسألة كردية» في سوريا إلى تلاعب الدولة السورية بالكرد باعتبارهم «حصان طروادة» ضد تركيا(31). ويمكن القول إن سوريا استخدمت حزب العمال الكردستاني حتى نهاية تسعينيات القرن العشرين لزعزعة الدور السياسي لتركيا في المنطقة، وفي الوقت نفسه امتصاص أي توترات ناجمة عن القضية الكردية السورية. وتضيف سياسات الدولة، مثل حرمان الكرد من الحقوق المدنية، مشكلة أخرى إلى «المشكلات» التي يواجهها كرد سوريا(32).

وأخيراً، يبدو منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين أن القضية الكردية العراقية بدأت تسير قدماً. فحتى في ظل الاضطراب في العراق، يمثّل الاعتراف الواقعي بدلاً عن القانوني بالحكومة الإقليمية لكردستان، وتعرض وحدة المنطقة للخطر، «مشكلات» يجب حلها لتسوية القضية الكردية.

ومن خلال استخدام «نماذج» تخطيطية توضيحية، سيقدم الفصل الثاني رواية للوضع الكردي وعلاقة الكرد بالدول التي يقيمون فيها وبالولايات المتحدة. وكما أشير سابقاً، كان معظم المدى الواسع من الأدبيات المراجَعة ذا دلالة في هذا المجال. وخصِّصت كمية كبيرة للروايات التاريخية للأصول الكردية والسمات الاجتماعية والأوضاع، المنظَّمة في فصول وفق بلدان الإقامة مع بعض الإضافات من التحليل السياسي. وتعتبَر أعمال كهذه وصفية أساساً، وتتناول المشكلات الاجتماعية الكردية في البلدان التي يعيشون فيها. لكن في هذا السياق، يمكن تمييز الكتاب الأخير لنادر انتصار باعتباره ربما الكتاب الوحيد الذي يركّز على السياسة الكردية، ويضع الكرد في الطيف الإقليمي والعالمي الأوسع(33). وبعيداً من الإشارات إلى المتغيرات الدولية التي أثّرت في وضع الكرد، يبقى الكتاب موجهاً إلى السياسة المحلية والإقليمية. ويتبع انتصار رواية تاريخية جيدة جداً ومفصلة للواقع الكردي في إيران والعراق وتركيا، على الرغم من أن كرد سوريا غير مشمولين. وفي سياق السياسة الإقليمية بين الدول، يشكّل تقديمه للدوافع التي حفزت العلاقات السياسية بين الكرد والدول الإقليمية، وأثارت تدخلاً خارجياً في علاقات كهذه، محاولة ابتدائية لرؤية الأبعاد الإقليمية والدولية للقضية الكردية.

وتعتبَر كتب ديفيد ماكدويل(34)، وثلاثة أعمال لكريم يلدز(35)، وأعمال دنيز ناتالي(36)، ومارتن فان بروينسن(37)، وعبد الرحمن قاسملو(38)، ووديع جويدة(39)، مصادر يعتمَد عليها تقدّم معرفة وتحليلاً حاداً للقضية الكردية، في حين تركّز كتب أخرى حصرياً على حالة واحدة فقط أو تحديداً على جانب واحد للحالة. فكرد تركيا وإيران وسوريا والعراق لا يحلَّلون عادة كجزء من كل بل فردياً، ما يعيق فهم القضية الكردية الإجمالية. لكن حتى في هذه الحالات، يمكن للقارئ أن يطلع على التحليل المتعلق بكلٍ منها بشكل محدّد وواضح(40).

ويستخدم بعض الكتّاب القضية الكردية كأداة لشرح العلاقات بين القوى الشرق أوسطية. واشتهِر روبرت أولسون لكتابه عن علاقات تركيا بالبلدان المجاورة خلال تسعينيات القرن العشرين ولتركيزه على القضايا الكردية(41). وعولِجت القضية الكردية أيضاً من منظور قضائي/إنساني، وتعتبَر «تقارير حقوق الإنسان»، المستندة إلى بحث من قبل منظمات مثل «هيومن رايتس ووتش»، مثالاً على هذه المقاربة.

Pages