كتاب " الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية " ، تأليف ماريانا خاروداكي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية
2 المنهجية
بما أن موضوع البحث يتطلب معرفة بالقضايا الإقليمية والدولية والكردية، إلى جانب تاريخ السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، استخدِمت منهجيات كثيرة. فإلى جانب الأدبيات المراجَعة في الأقسام التالية، شمل بحثي التجريبي عملاً ميدانياً أجرِي في شمال العراق وواشنطن العاصمة. وعلى الرغم من محاولاتي للاتصال بمسؤولين وأكاديميين في سوريا وتركيا، تبيّن أن الأمر غير ممكن بسبب حساسية الموضوع بالنسبة إلى الأنظمة الإقليمية. وهكذا نتجت منهجيتي عن مجموعة من مثيلاتها. وبدءاً من فرضية تتساءل عن وجود شيء اسمه علاقة أميركية – كردية، حاولت أن أحدد الكرد المرتبطين بالولايات المتحدة، وإن كانت هذه الأخيرة لم تطوّر لغاية الآن أي سياسة كردية، بهدف كشف تداعيات هذه العلاقة البينية نظرياً وعملياً.
وبدءاً من الفصل الثاني، أدخلت «نماذج» صورية دلالية، كوسيلة لفهم القضية الكردية ودورها في السياسات الإقليمية والدولية، مقارنة باللاعبين الإقليميين والدوليين الذين يشكّلون دولاً ومن ضمن العلاقة معهم. ومن خلال رواية تاريخية، تقصيت الأحداث الأساسية التي وسمت العلاقة الأميركية–الكردية، وحاولت أن أشرح دلالاتها الإقليمية والدولية، والدوافع والمواقف الخاصة باللاعبين. ولهذا الهدف، استخدمت تحليل المحتوى، إلى جانب مقابلات، كانت أساساً شبه منظمة، مع مسؤولين أميركيين وكرد. وفي المقابلات، طرحت أسئلة معايرة وعامة وموجهة ومفتوحة شملت أساساً في الجانب الكردي قادة كرداً بارزين لعبوا دوراً في التفاعلات الأميركية – الكردية منذ سبعينيات القرن العشرين، وشخصيات مهمة مثل رئيس الوزراء والرئيس في منطقة كردستان ذات الحكم الذاتي، وممثل الحكومة الإقليمية لكردستان في الولايات المتحدة، وكرداً آخرين لهم تعاملات مع الحكومة الأميركية. وفي الجانب الأميركي، قابلت ممثلين أميركيين في الكونغرس، ومسؤولين في وزارة الخارجية (اختار ثلاثة منهم البقاء مجهولين لأسباب أمنية)، ومحللين في مؤسسات بحثية، وأعضاء في مجموعات ضغط.
وتطلب التحليل أيضاً تفسيراً للوقائع والأحداث الإقليمية والدولية ذات الصلة بمسألة البحث. وشملت مصادرها بيانات منشورة على الإنترنت، مثل تقارير الكونغرس ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي)، إلى جانب مستندات موجودة في مواقع إلكترونية رسمية أميركية، خصوصاً موقع وزارة الخارجية. وتبنّى الكتاب أيضاً مقاربة مقارَنة بالنظر في الوقت نفسه في حالة الكرد في إيران والعراق وسوريا وتركيا.
وتنجم قلة الأدبيات المتعلقة بموضوع البحث عن واقع أن القضية الكردية لا تزال في تغير مستمر. كذلك لم يفرَج عن مستندات أميركية رسمية ذات صلة بالموضوع قيد البحث إلا أخيراً، منذ العام 2005 تقريباً أو قبل ذلك بقليل، منذ العام 2003، وهذا عامل يجب أخذه في الحسبان. ولقد حاولت سد الفجوة بالإشارة إلى مجموعة من الكتابات الأكاديمية عن الكرد كأمة، والتاريخ الكردي، والوضع الحالي للكرد، إلى جانب كتابات أكاديمية عن السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، وجهاز السياسة الخارجية تحديداً، وعلاقات الولايات المتحدة والكرد ببلدان شرق أوسطية، ومراجع أخرى ذات صلة بالولايات المتحدة والكرد. لكن معظم معلوماتي الأولية استُلّت من المقابلات، والمصادر الإلكترونية الحكومية الأميركية، والسجلات والتقارير الخاصة بالكونغرس الأميركي.
ومن الجهة المفهومية وضعت مقاربتي التحليلية في داخل مجال العلاقات الدولية كمقاربة تجمع بعض التأملات الواقعية بجوانب البنائية، لكنها تضيف أيضاً شيئاً ناقصاً نسبياً في المزيج السائد، أي التركيز المحدد على دور اللاعبين الذين «لا يشكّلون دولاً». وبالنسبة إلى أنواع اللاعبين (دول، لاعبون «لا يشكّلون دولاً»، وأفراد، ومجموعات)، والنتائج المتشابكة للواسطة والبنية، والتأثير المجمّع للعوامل الفكرية والمادية، فقد يكون التصنيف الأكثر نفعاً هو «التعددي». ويعني هذا أن تحليلي يستند في الوقت نفسه إلى تخصصات، على الرغم من اعتبارها في الأغلب منفصلة، يمكن اعتبارها متشابكة جوهرياً ويجب ذلك، وهي العلاقات الدولية، والعلاقات الخارجية، والتحليل و«السياسة» (المحلية). وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها التطوير والشرح لصورة كلية باستخدام الديناميكيات التي تربط أنماط التفاعل والتأثير المتبادل بين اللاعبين الذين «لا يشكّلون دولة»، مثل الكرد، الموزعين كما هم بين كيانات كثيرة تشكّل دولاً، والدول الإقليمية المعنية، والقوى الخارجية مثل الولايات المتحدة، والطبيعة المتطورة للأنظمة الإقليمية والدولية.