كتاب " الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية " ، تأليف ماريانا خاروداكي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الكرد والسياسة الخارجية الأمريكية
لكن حتى تعريف اللاعبين الذين لا يشكّلون دولاً يبدو إشكالياً. ففيما يعرّفهم تايلور ببساطة بأنهم «كيانات تختلف عن الأمم – الدول التي تتفاعل في النظام السياسي الدولي»، يفرض شروطاً على الرغم من ذلك: يمكن للاعبين الذين لا يشكّلون دولاً أن يكونوا إما أفراداً أو مجموعات يشكّلون أقل من دول وعابرين للقوميات، مثل المنظمات غير الحكومية، فيقيمون في دولتين أو أكثر، أو تلك المنظمة رسمياً مثل المنظمات الحكومية الدولية. كذلك يمكن أن يتراوحوا نوعاً من اقتصاديين (مثلاً، المؤسسات المتعددة الجنسية) وسياسيين (مثلاً، المنظمات السياسية) إلى أمنيين (المؤسسات الهادفة إلى أمن جماعي) أو ثقافيين وتقنيين (تربطهم روابط إثنية وقومية ودينية)، وتحصل عملياتهم على المستويين الإقليمي والفوق إقليمي(86). ويتّسم بالتعميم رأيه بأن الكرد «مقاتلون في سبيل الحرية والتحرر القومي» وهم «يعيشون في دولتين أو أكثر [و] أي من هذه الدول التي ليست تحت سيطرتهم»(87).
وفي الوقت نفسه، تفتقر إلى الواقعية إلى حد ما الإشارات إلى الكرد كحركة قومية ذات أهداف تتسم بالنسبية مقارنة بأهدافهم المتعلقة بـ «حكم ذاتي ودولة جديدة»، على الرغم من أن بعض المجموعات تستخدم وسائل عنيفة. كذلك تعتبَر ملاحظة الكاتب لواقع أن الكرد، كلاعبين سياسيين، لم يملكوا يوماً منظمة عابرة للقوميات، فرضية في ضوء التنوع بين الحركات الكردية، إلى جانب إستراتيجياتها ودعاويها المختلفة(88). ويميز كتاب تايلور طريقته في المساواة بين المجموعات الإثنية العابرة للقوميات بالمنظمات الإرهابية التي تتصرف بعنف فتضع بالتالي النظام الدولي في خطر.
ووفق جوسلين ووالاس، يعتبَر اللاعبون الذين لا يشكّلون دولاً «مستقلين ذاتياً عن سيطرة الحكومة المركزية، وينجمون عن المجتمع المدني أو اقتصاد السوق، ويعملون في شبكات عابرة للقوميات عبر حدود دولتين أو أكثر». وهم يؤثرون أيضاً في النتائج السياسية(89). في هذه الأثناء، يعرّف هاليداي هؤلاء اللاعبين بأنهم كيانات «لا تشكّل دولة» ومستقلة جزئياً عن الدول، لكن الدول تؤثّر فيها على الرغم من ذلك(90). وهكذا يمكن لهم أن يكونوا منظمات غير حكومية، وكنائس، وحركات اجتماعية، ومنظمات جرمية، ومجموعات الضغط التي تؤثر في السياسة الأميركية(91)، وهو يلحظ خمسة أنواع هي الآتية: المنظمات غير الحكومية، مثل «منظمة العفو الدولية»، ومجموعات الأعمال، والكيانات الدينية، إلى جانب المنظمات السياسية والجرمية(92). لكن اللاعبين الذين لا يشكّلون دولاً وصِفوا أيضاً بـ «لاعبين خاصين» في تفاعلهم مع الدولة(93). لكن كتّاباً آخرين يؤكدون اعتماد اللاعبين الذين لا يشكّلون دولاً على تمويل حكومي، يمكن أن يفضي إلى تحولهم جزءاً من الآلة البيروقراطية(94). وفي هذه الظروف، يجب تأطير هؤلاء وفق السياق الذي ينشأون منه، وأن يبقوا لذلك، وفي موازاة دراسة الحالة الخاضعة للتدقيق، خالين من أي تحيزات بديهية وفرضيات وتصنيفات عامة.
وإذ آخذ في الحسبان الوضع المختلف للكرد في العراق كدولة واقعية منذ تسعينيات القرن العشرين، أصنف الكرد كياناً لا يشكّل دولة، مفضلة ذلك على سمات مثل «من دون أرض» أو «من دون دولة» أو «وكلاء» أو «بيادق» أو «أقلية». ويعرّف فيليب تايلور اللاعبين الذين لا يشكّلون دولاً بأنهم «كيانات تختلف عن الأمم – الدول التي تتفاعل في النظام السياسي الدولي»، وهكذا تشير اتفاقية كوتونو بين الاتحاد الأوروبي وبلدان الجنوب النامي إلى اللاعبين هؤلاء بأنهم يشملون المجتمع المدني بكل تنوعه(95). لكن الكيانات التي لا تشكّل دولاً تعتبَر أنها كيانات «تنجم عن المجتمع المدني، وتعمل على مستوى عابر للأمم، وتؤثر في النتائج السياسية، وهي ذات استقلال ذاتي عن الحكومة المركزية»(96).
وعلى الرغم من أن الكرد يتمتعون باستقلال ذاتي جزئي، هم «إثنية» عابرة للقوميات تقيم في بلد أو أكثر وتعمل على المستويين الإقليمي والفوق إقليمي(97). ووفق تصنيف فيليب تايلور، يمكن للاعبين الذين لا يشكّلون دولاً أن يكونوا عابرين للقوميات ومنظمين رسمياً، فيما هم مميزون كلاعبين اقتصاديين أو سياسيين أو أمنيين أو ثقافيين – عقيديين. وهكذا ووفق الكاتب نفسه، يناسب الكرد الأنواع الأول والرابع والأخير(98). لكن شرحاً فضفاضاً أكثر لوضع اللادولة الخاص بالكرد قد يعتبرهم «لاعبين ليسوا دولاً لكنهم يؤثّرون في هذه الدول وسياساتها الخارجية»(99).
لقد رفع الكرد مطالبهم في شأن الدولة منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية، واعتبِرت هذه المطالب في شأن الحكم الذاتي في كيان جغرافي محدد مساوية للقضية الكردية، التي كان دورها مركزياً في التطورات الإقليمية. لكن تصنيف الكرد بأنهم «من دون أرض» أو «من دون دولة» غير مناسب لدى تفحص دلالات التعبير بشكل دقيق. فمن الواضح أنهم ليسوا «من دون أرض». إنهم يسكنون مناطق محددة، وهم، وباستثناء بعضهم في سوريا، يملكون إمكانية الوصول إلى أرض، إذا أخذنا في الحسبان استقرارهم في الجنوب الشرقي لتركيا، والشمال الشرقي لسوريا، والعراق، وغرب إيران. وهم ليسوا كذلك «من دون دولة»، فهم، كلٌّ على حدة، يملكون عموماً مواطَنة، وكذلك وباستثناء بعضهم في سوريا أيضاً، لا يشاركون في قضايا الشأن العام كمواطنين للدولة التي يقيمون فيها(100). لذلك على أي تصنيف يطبَّق على الكرد من ضمن فهم عام أن يأخذ تنوعهم في الحسبان.