You are here

قراءة كتاب علم الأسلوب - مدخل ومبادئ

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
علم الأسلوب - مدخل ومبادئ

علم الأسلوب - مدخل ومبادئ

كتاب " علم الأسلوب - مدخل ومبادئ " ، تأليف د. شكري عياد ، والذي صدر عن دار التنوير عام 2013 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 5

وتبقى حماسة العقاد في الدفاع عن حق الشاعر المعاصر والناقد المعاصر في أن يترجما عن نفسيهما ويفكرا بعقليهما، وهي حماسة دفعته ورفاقه شوطًا غير صغير في تجديد بلاغة العربية، ولكنهم لم يبلغوا من ذلك المبلغ الذي ظنوه وتوخُّوه. وقد تكون لهذا القصور أسباب كثيرة، ولكن أحدها ـ ولا شك ـ غموض فكرتهم عن العلاقة بين اللغة الأدبية والمعنى الأدبي(7).

وهكذا بقي كلامهم عن الأسلوب قفزًا من هذا الطرف إلى ذلك. وبقي كغيره من الكلام في النقد الأدبي- يشكو من اضطراب المفاهيم واختلاط الحدود، حتى خال الناس أن الكلام عن الأدب لا بد أن يكون كذلك.

وابتداء الكلام عن لغة الأدب من الأدب نفسه (نحو كونه في الأفكار والمعاني أو الأخيلة أو الألفاظ، وكونه قوميًّا أو إنسانيًّا أو محليًّا... إلخ) لا بد أن يُفضي إلى الاضطراب والاختلاط، لأن الأدب فن جميل، ولكنه يختلف عن سائر الفنون الجميلة (كالتصوير والنحت والموسيقى) بأنه لا يملك أداة التعبير الخاصة به، بل يستمدها من اللغة التي يستعملها الناس في محاوراتهم ومعاملاتهم وشتى أغراض حياتهم. فإذا بدأت مناقشة اللغة الأدبية عن حقيقة كونها أدبًا، اضطربت بين حقيقة كونها فنًا وحقيقة كونها لغة. ومن ثم فلا بد أن تبدأ من أحد الطرفين: إما من طرف الفن وإما من طرف اللغة. وقد تناولها الفلاسفة من الطرف الأول ضمن بحثهم في فلسفة الجمال وفلسفة الفن، فكان تفكيرهم أكثر انسجامًا ولكنه لم يعط الأعمال الأدبية اهتمامًا كافيًا من حيث هي آثار لغوية، ولذلك ظل بمعزل عن النقد الأدبي إلا فيما ندر. بقي إذن أن نجرِّب الطريق الأخير، فندرس اللغة الأدبية بادئين من حقيقة أنها لغة.

* * *

الفصل الثاني

علم اللغة وعلم الأسلوب

أمَا وقد قررنا أن ندرس الأسلوب من جهة اللغة، حتى نخلِّص هذه الكلمة من فوضى النقد المعاصر، فيجب أن نسأل أنفسنا أولا: كيف ننظر إلى اللغة؟ فثمة نظرتان إلى اللغة لا بد لنا من أن نختار إحداهما:

هناك نظرة القدماء إلى اللغة. وهؤلاء يفترضون فيها الثبات، مهما رأوا من التغيرات التي تطرأ عليها. وعلى هذا الأساس قام منهجهم العلمي كله: فالاستعمالات اللغوية التي يعتد بها عندهم هي تلك التي ترجع إلى "عصور الاحتجاج"، قبل أن يختلط العرب بالأعاجم فتفسد ألسنتهم، ومما أُثر عن هذه العصور جمْع متن اللغة وقُعّد النحو على أيدي الصدر الأول من علماء اللغة، ثم كانت مهمة من جاء بعدهم أن يصنفوا ويبوِّبوا ويعللوا ويشرحوا، ثم أن يعالجوا ما استُحدث في اللغة في كتب خاصة وتحت عناوين خاصة، بحيث لا يتمتع هذا المستحدَثُ بحق المواطنة في المجتمع اللغوي، بل يبقى منبوذًا مهما كانت قيمة الوظيفة التي يؤديها، وفئات المنبوذين درجات؛ فمنها المُعرَّب والدخيل والمصحَّف والمحرَّف والملحون.

Pages