You are here

قراءة كتاب من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

من قضايا اللغة، والأدب، والنقد

في كتاب "سواد في بياض"، للأديبة الدمشقية الصديقة السيدة وداد سكاكيني محاسني، مقال بعنوان: "الأدب المكشوف"، تحدثت فيه حديثاً عابراً عن بعض ألوان الأدب ومذاهبه. ومما جاء فيه قولها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
وفي فرنسا لم يحاول الإيراني أن يتقرب إلى الأجواء الأدبية، أو يعرف أحداً من الأدباء والشعراء، أو يطّلع على الحركة الأدبية المعاصرة. وأشهد أن الإيراني كان يومئذ يجيد الفرنسية أفضل كثيراً من معرفتي للغة الإيطالية، وكان ذلك يسمح له بسهولة أن يتعرّف بأكبر أدباء فرنسا وشعرائها لو أراد. ولكنه أكد لي – بعد عودتنا – أنه لم يقم بأية محاولة من هذا النوع، وأنه عاد من فرنسا مثلما ذهب، لم يعرف غير باريس، في نهارها وليلها، ولم يحاول أن يوطّد فيها أية صداقة، أدبية أو غيرها.
 
وحكيت له حكاية علاقاتي الأدبية الكثيرة جداً في إيطاليا، مع أدباء من كل الأجيال، نتيجة الجولة الواسعة التي قمت بها في جميع أنحاء إيطاليا: بالقطار حيناً، وبالطائرة حيناً، وبالباخرة حيناً ثالثاً، ونتيجة لزياراتي للكثيرين من أعلام الأدباء والمستشرقين في بيوتهم ومكاتبهم ومعاهدهم.
 
وفجأة، ودون أن يخطر ببالي أنَّ مثل هذا الحديث يثير شجوناً في نفس الإيراني، قال أبو روشن: "انته أناني يا أبو سمير!" فسألته مبهوتاً: "ليش يا أبو روشن؟" فقال: "بتعرّف بنفسك في الغرب وما بتعرّف بغيرك".
 
لقد فاجأني هذا الرد من الإيراني، فقلت له: "يا أبا روشن! أنت تعرف الفرنسية أفضل من معرفتي بالإيطالية، والفرنسية لغة واسعة الانتشار، أكثر كثيراً من الإيطالية. وكنت في فرنسا أربعة أشهر، وكان في وسعك أن تعرّف بنفسك في فرنسا كما عرفتُ بنفسي في إيطاليا، كما كان في وسعك أن توطد العلاقات مع أدباء فرنسا وصحافتها، كما فعلت أنا في إيطاليا، وأن تترجم من أدبك ما شئت إلى الفرنسية، فيعرفك الناس هناك. فلماذا لم تفعل شيئاً من هذا كما فعلت أنا في إيطاليا؟
 
ومنذ ذلك الحين صرت أحسّ بأن صلة أبي روشن بي قد أخذت تختلف، وبدأ يصيبها الفتور. وحسبت أن الأيام ثقيلة بأن تعيد الصلة كما كانت ولكنني كنت مخطئاً.
 
وجاءت مناسبة تلفزيونية، فقد دعي الإيراني، وأمين فارس ملحس، والدكتور نهاد الموسى من أساتذة الجامعة الأردنية، إلى تقديم كتابي (أدب المهجر) في برنامج (من المكتبة)، الذي كانت تديره الآنسة زاهية عنا. فاغتنم الإيراني الفرصة، وعدم وجودي بين المشاركين في الندوة للدفاع عن نفسي، وتوضيح بعض ما يحتاج إلى توضيح، وراح يحرق الكتاب بنقده اللاذع، وباتهاماته التي لم تقف عند حد، وذلك بعد أن قال إن هذا الكتاب أفضل ما كتبه الناعوري". وما دام هذا أفضل كتاب لي، وهذا رأي الإيراني فيه، فأنا إذن لست من الأدب في كثير ولا قليل، ولم أكتب في كل ما صدر لي من أعمال أدبية غير التفاهات الفارغة..
 
ومرّ الأمر لم أرد عليه.

Pages