قراءة كتاب الأوتاد

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الأوتاد

الأوتاد

كتاب " الأوتاد " ، تأليف سعيد بن سلطان الهاشمي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

جناية الحرية على التنمية

الحُرّ في لسان العرب هو الصافي، الفاخر، الخالص، الأعتق والأفضل (1). ولهيجل مقولة مؤسِسة في هذا المقام، إذ يقول إنّ "تاريخ العالم ليس إلا تطوراً لوعي الإنسان لمفهوم الحرية". لذا ليس من المبالغة في شيء القول بأن الحرية كمفهوم وممارسة من أكثر الأفكار التي شغلت عقول مفكري البشرية، وخاصة فلاسفة العلوم الاجتماعية والإنسانية. فعلى الرغم من الجهد الكبير الذي بذلوه لتعريف وتحديد مفهوم الحرية؛ إلا أنها مازالت صعبة التعريف ومتغيرة المقاييس؛ مثيرة للجدل ومحفزة للبحث عن مكنونات لم تكتشف، أو لم تجربها الإنسانية بعد.
فالحرية هي منطلق النهضة والتنمية والتقدم لدى الفرد والمجتمع، والإنسان الذي لا يملك الحرية لا يستطيع أن يصنع الحياة، كما أن الإنسان الذي يشعر بالاضطهاد وسحق الإرادة والشخصية، لا يتفاعل ولا يستجيب للتنمية، ولا لمشاريعها أو تطلعاتها، ولا يستطيع أن يوظف طاقاته للرقي بآماله أو النهوض بوطنه.
وليس خافياً على أحد أن أخطر أسباب تخلف أي أمة هو مصادرة إرادة الإنسان، وكبت حريته المشروعة؛ الحرية المسؤولة التي لا تنفك عن الالتزام والمسؤولية.

في مفهوم الحرية ومساره

كلمة الحرية هي من الكلمات التي أصبحت مألوفة أو شائعة عند الغالبية من الناس في عالمنا اليوم، ولكن مدلولها كما يساء استعماله كثيراً ما يساء فهمه. وبالرجوع إلى أصل المفهوم وتطوره يتبين للمرء أن هذا المفهوم قد جمع الكثير من الصيغ والنماذج، بعدد الممارسات والتطبيقات المتوالية، والتي كان لها الأثر البالغ في تاريخ الإنسانية فكراً وسلوكاً؛ منذ الإغريق، مروراً بعصر إسهام المسلمين في الحضارة الإنسانية ثم إسهامات عصر النهضة والتنوير الأوروبي، وبعدها الثورتين الأمريكية، والفرنسية واللتين خلدتا وبشكل واضح في إعلانهما مبادئ الديمقراطية والمناداة بالحرية والمساواة.
وما التطور الذي حدث لمفهوم الحرية إلا ترجمة لتلك المداولات والمحاورات الفكرية التي شغلت كثيراً من مفكري عصر النهضة بشكل خاص. ذاك التفاعل أصّل مفهوماً حديثاً للحرية مبتعداً عن المفهوم التقليدي السائد في العصور القديمة والوسيطة، والذي كان يُقابِل الحرية بالعبودية فقط.

Pages