كتاب " الأوتاد " ، تأليف سعيد بن سلطان الهاشمي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب الأوتاد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأوتاد
قيد الحرية القانون
أما المفهوم الحديث للحرية فقد تأسس على مبدأ "أن الأصل في الإنسان عدم الالتزام والتقييد إلا بما يحدده القانون". هذا القانون قائم على أن الإنسان هو صاحب الإرادة والاختيار والتصرف إلا في الأمور التي يتنازل فيها هو- أي الفرد- لسلطة يختارها وينتخبها من المجتمع الذي يعيش فيه.
بكلمة واحدة لا إكراه للفرد في اختياراته ما لم يمنعه في ذلك القانون، وهذا ما أكّده إعلان حقوق الإنسان للثورة الفرنسية سنة 1789م، حيث" الحرية تكمن في أنها لا تتقيد إلا بالقوانين".
ولو ألقينا نظرة عابرة لتعريفات بعض مفكري أوروبا للحرية لعززت لنا هذه الاجتهادات ارتباط الحرية بالقانون، وهو ما يعطي دلالة واضحة على تلازمية الحرية بالمسؤولية وليس كما يحلو لكثير من الناس ربط الحرية بالانفلات واللامسؤولية.
فالفيلسوف الإنجليزي جون لوك (1632-1704م) يرى "أن الحرية هي، القدرة والطاقة اللتان يوظفهما الإنسان لأجل القيام بعمل، معيَّن أو تركه" كما يؤكد هذا المفكر الذي ترجمت أفكاره في صياغة الإعلان الأمريكي للاستقلال "أن الناس جميعاً أحرار، وهم سواء في الحقوق" (11). ثم جاء جان جاك روسو (1712-1778م) صاحب كتاب العقد الاجتماعي ليكون من أوائل من أشار على الحرية بمعناها الايجابي، لذا نراه يقول:
"لا تعتمد الحرية على أن يفعل الفرد ما يريد بإرادته الخاصة، بقدر ما تعتمد على ألا يخضع لإرادة شخص آخر، وهي تعتمد أكثر على عدم خضوع الآخرين لإرادتي الخاصة، ففي الحرية العامة ليس لأحد الحق في أن يفعل ما تحرمه عليه حرية الآخرين، إن الحرية الحقة لا تدمر نفسها أبداً، وهكذا نجد أن الحرية بدون العدالة هي تناقض حقيقي، فلا حرية بغير قوانين، ولا حرية عندما يكون أي شخص فوق القانون.. والشعب الحر بطبعه يطيع، لكنه لا يخدم، لديه قضاة لكن ليس فيه سادة، وهو لا يطيع شيئاً سوى القوانين، وبفضل قوة القوانين فإنه لا يطيع البشر" (12). أما (كانط)فقد صاغ فكرته عن المجتمع المثالي على أنه مجموعة من الأحرار يعد كل منهم غاية في ذاته. ويرى أن الحرية عبارة عن استقلال الإنسان عن أي شيء إلا عن القانون الأخلاقي. وهو يؤكد أن الحرية جزء من ماهية الإنسان لا يستطيع أن يتنازل عنها، إذا فقدها فقد معها إنسانيته (13). أمّاجون ستيوارت ميل (1806-1873م) فيقول: "إن الحرية عبارة عن قدرة الإنسان على السعي، وراء مصلحته التي يراها، بحسب منظوره، شريطة أن لا تكون، مفضية إلى إضرار الآخرين" (14).
في المحصلة يمكننا القول إنّ الحرية مصطلح فلسفي سياسي، فمن الناحية الفلسفية: الحرية تعني (الاختيار)في مقابل( الجبر). أما من الناحية السياسية: "فالحرية تعني الحقوق الفردية الاجتماعية والسياسية في إطار القانون المدني المنظِّم للعلاقة بين السلطة والمجتمع" (15).
إن الحرية بكلمة واحدة: هي امتلاك الوعي بالخير المطلق، والجمال. هي أساسٌ للحياة (الحلم) التي ظل الإنسان يبحث عنها في رحلته مع الحضارة.