كتاب " الأوتاد " ، تأليف سعيد بن سلطان الهاشمي ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2008 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
قراءة كتاب الأوتاد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الأوتاد
الصفحة رقم: 7
الحرية بين الفرد والمجتمع
الفرد الذي ُتعولُ عليه التنمية هو ذلك الذي يملك القدرة على الاختيار، القدرة على الابتكار والاكتشاف. والفرد الذي تراهن المجتمعات الحية عليه هو ذاك الحر الذي يدرك حقوقه وواجباته، يقدّر ويعتني بحقه في التفكير واكتشافه للأفكار الخلاقة. في مقابل عدم إجبار الآخرين على تبنّي أفكاره ورؤاه. الفرد الحر الذي تستهدفه التنمية لا يخاف من التعبير عن ذاته وأفكاره، فتلك الحرية تشعره بالثقة، كما تشعره في ذات الوقت بالأمان من الأوهام، لأنه يتمتع باستقرار داخلي، يعززه أمان خارجي في مجتمعه ومحيطه.
أما على مستوى ذاك المحيط والمجتمع فهو كذلك محتاج للحرية كما تحتاج الأرض للمياه حيث تروي الحرية عروق المجتمع فتؤازره وتقوي أركانه وأساساته.
فليس صحيحاً أن الحرية بإمكانها أن تعوق التنمية، أو أن تشيع الفوضى في المجتمعات، بل إن الفوضى، إن هي إلا نتاج المنع الذي يمارس على الحرية وليس العكس.
كما أن المجتمع الحر أكثر إنتاجاً من المجتمع غير الحر؛ وليس أدل على ذلك من الدول المتقدمة في شمال وغرب العالم؛ وذلك لأن الإنسان فيها أكبر وأعمق شعوراً بالواجب والمسؤولية مقارنة بأقرانه في باقي الدول. أما مجتمع الكبت والحرمان فهو الذي يولًد الشعور بالنقمة والرغبة في ممارسة العنف والإهمال واللامبالاة. والنماذج التي يزخر بها جنوب العالم وشرقه لا تحتاج إلى تحديد كما لا تتطلب كثيراً من الشرح والتفسير.
إن من نافلة القول تكرار أن المواطن الحر لا يمكنه العيش إلا بين مواطنين أحرار، وأن المواطن المبدع لا يولد إلا في مجتمع يسمح للإبداع أن ينمو ويتكاثر، مجتمع يقدِّر الاختلاف، ويحتفي بالتنوع. وعلى العكس من ذلك تماماً فإن قيم التخلف والجمود والاستبداد أينما تسود، فإنها لا تنتج إلا أفراداً عجزة، يعانون من أمراض مزمنة وعصية على الشفاء، من قبيل التصحر الفكري، والجفاف الذهني، والضمور العقلي، والشحوب المعرفي، والقصور في البصيرة.