قراءة كتاب البردويل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
البردويل

البردويل

كتاب " البردويل " ، تأليف عبدالله هلال ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2009 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7

بينما كان محمود يتحدث كانت مريم تتملى وجه أحمد أكثر مما تنتبه لما تضمنه الحديث من خبر لكنها انتبهت إلى بلاهة زوجها وهو يتكلم. تذمر وجهها وبدا عليه الازدراء، ونهرته بكل مباشرة ودون مقدمة،
- (قوم طلاع جيب خبز، متعينك لا بتعرف تحكي، ولا بتعرف تسمع)
التفتت إلى أحمد، صمتت قليلاً وتحسّرت،
- (الله لا يشغلك بال، انتي بتستيهل كل خير، انتي رجّال)
وإذ لم يتكلم تابعت،
- (إيي والله، صباطك بيسوي عشر زلم، ما بدي إياك تزعل، نحنا فرحانين عليك، ومنريد نغتنم وجودك عنا، وننبسط ويا محلا ما يقدر الله)
بدأت تضفي على المكان شيئاً من المرح والحيوية، كأنها توحي له بأن ما طلبته لا يقبل المناقشة، وها قد بدأت هي بالتنفيذ من جهتها، وعليه أن يستجيب ويستثمرا وجودهما، رجلاً وامرأة.
اقتربت منه وأمسكت يده.
- (دي قوم خسّل وجهك، إلا بتريد تتخسل؟ المي سخني في الحمام)
داعبته ما أمكنها وهو صامت صامد كتمثال، متأكدة هي بأن الوقت لا يسمح بأكثر من تبادل إشارات، أو لمسات تطمئنها أنه موافق على ما تعرضه عليه، وأنّ الليلة التي ستحلّ بعد ساعات، هي الليلة التي ستكشف فيها شوقها ورغبتها لضيفها. ستستخدم الكثير من الإشارات، والجمل، والكلمات، لتوصيل رسالتها. في هذه الظهيرة من النهار لا يمكن أن تحقق أكثر من ذلك، الأولاد يملأون ساحة المنزل، ومحمود لن يلبث أن يعود من المخبز، إذاً على أحمد أنْ يبدي موافقته لتوقف التحرش به. تحايلت على اختيار الكلمات والأحاديث التي ابتكرت مواضيعها لتكون أكثر جدوى في استخراج ما في نفسه من كوامن. هل يتمنع لأنه مستغرق في مشكلته مع البردويل؟ أم أنها لم تعجبه؟ هي تعلم أنها لا ترقَى إلى رفعة جمال سعاد من جهة، ولا إلى رفعة شخصية أحمد من جهة أخرى. استقر تفكيرها أنْ تكون أكثر إفصاحاً عن رغبتها رغم صعوبة هذه الصراحة على امرأة، أي امرأة، قالت:
- (أشو بتريد قدملك حتى تنبسط؟)
- (ما بريد شي، أنا مبسوط، يعطيكي العافية)
- (لا مانك مبسوط، لو كنت مبسوط، كنت رديت علي)
- (أشو بدي قول)
- (قول إي، إذا كنّا عيجبينك)
- (انتو عالعين وعالراس)
دخل محمود يحمل أرغفة مكدسة على زنده، رمى بها على الأرض متأففاً من صعوبة تأمين الخبز وانفلت لسانه بسيل من كلمات الذم والتذمّر من هذه الحالة. أسكتته مريم بكلمات لا تقل تذمّراً عن تذمّره، كانت تبالغ في تعرية ضعف زوجها ليستسيغ أحمد الموافقة على ما تعرضه عليه، كأن عندها مسوغات مقنعة لخيانة زوجها، فهي مظلومة عند هذا الزوج التافه. سكت محمود فوراً، حينما صرخت في وجهه:
- (دي سكوت بقا، الزلمي ضيفنا وبدّنا نبسطوا ماو نوجعلوا راسو)
التفتت إلى أحمد بكثير من الاستجداء.
- (انتي بس اطلوب، ولو حليب سنونو)
نظرت في وجه زوجها الذي وقف ينتظر أن تأمره، وقد لبس وجهها غلالة من الكره الظاهر، وهرول يتعثر بالأحذية المتناثرة أمام باب الغرفة، بينما الأولاد يلعبون حفاةً،
- (حط الطنجرة على الغاز بين ما أجي)
التفتت إلى أحمد ثانية، وقد خلعت ثوب وجهها وارتدت ثوب الاستجداء:
- (إذا ما في حليب سنونو، بسقيك من حليبي يا أحمد الغالي)
أدركت أنّ هذا العرض السخي سيكون رخيصاً، إذا لم يوافق ضيفها أخيراً، تابعت وكأنما لتتدارك ما بدر منها،
- (انتي ضيفنا، ماو هيك أبو قاسم؟ انت وقفت بوجه البردويل وهادا شي محَّد عملو قبلك)
تناولوا طعام العشاء، ومريم لا تتوقف عن إبداء مشاعر الإعجاب لضيفها، كما لا تني من تقديم ما بحوزتها من إثارة، تتخلل هذه وتلك، تقديم الفواكه، والشاي، والقهوة، لدرجة أنها أفقدت ضيفها حاجته لما تقدمه له، فخسرت مرتين، مرةً فيما بذلته من جهد، ومرةً في نقص الأجر الذي نالته ثمناً لما قدمت...!
نظر أحمد إلى محمود،
- (ما قلتلي شلون كانت سعاد؟ يعني خايفة؟)
- (ايي خايفة)
- (يعني خايفة كتير؟ ملبكي؟)
- (بصراحة أنا ما شفت سعاد)

Pages