كتاب " عين الشلال " ، تأليف د. إبارهيم فضل الله ، والذي صدر عن دار الفارابي للنشر والتوزيع عام 2010 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب عين الشلال
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عين الشلال
لا يعلم سمير عن عمه شيئاً ولا يعرف خطيبته... لأنه حين حصلت تلك الأحداث كان صغير السن لا يتجاوز العاشرة إضافة إلى أن عمه كان يغيب عن القرية لفتراتٍ تمتد طويلاً...
قفزت هذه القضايا دفعة واحدة أمام عيني "سمير" عندما وجد زوج خالته وهو ممدَّدٌ بلا قدمين على فرشة الإسفنج المغطاة في بطانية رماديّة اللون وسط خيمة تجاهد كي لا تقتلعها الرياح من مكانها، وقال لخالته:
ـ إلى متى سنبقى في مهبّ الريح؟....
نظرت إليه خالته من دون أن تنبس ببنت شفة، وعاد هو مسرعاً إلى أمه...
دخل خيمته وصاح في صوت مرتفع:
ـ إلى متى سنبقى في مهبّ الريح؟
نادته أمه:
ـ خير شو في يا سمير؟
ـ التقيت خالتي سعديّة، وقد أتت اليوم من الجنوب.
ـ وأين هي الآن يابني؟
ـ إنها في خيمة في آخر هذا المخيم؟ وهي تنتظر زيارتك.
ـ سأذهب إليها بعد صلاة المغرب، لقد حان وقت أذان المغرب
ـ أمي أريد إخبارك بشيء.
ـ ما هو؟
ـ زوج خالتي فقد رجليه من جرّاء صاروخ سقط على منزله. لقد شاهدت البيت وهو يتهاوى ولم أخبرك بالأمر حينها لأنني ظننت أن خالتي وزوجها قد قضيا تحت الركام، ولكن الحمد لله أنهما قد سلما، فإياك يا أمي أن "تولولي" عندهما، بل هوني عليهما الأمر وارفعي من معنوياتهما.
ـ لا حول ولا قوة إلّا بالله... يا تعتيرك يا سعدية... والله إختي مشحّرة ما كفاها إنها طلعت بلا ذرّية، هذا زوجها "اتكرسح" كمان، لا حول ولا قوة إلّا بالله.
ـ طوّلي بالك يا أمي؟ الله بيدبرها.
ـ كيف بعد بدها تعيش هي وزوجها هالمسكينة؟
ـ يا أمي في رب كريم.... ما حدا بيموت من الجوع....
ـ ونعم بالله، وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
ـ الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
لم ينم ليلته وهو يفكر في حالته التي وصل إليها، فهو لن يكون عالة على أحد بعد الآن، ولن يستمر في هذا المخيم طويلاً،وعزم على تدبير أمور معيشته أولاً، فلا يمكنه أن يعيش هو وأمه على الإعاشة وذلها، وبدأ يفكر كيف يخرج نفسه وأمه من هذا المخيم...
غادر المخيم في الصباح الباكر، بعد العناء المتجدد مع الحمام وحنفيّة الماء الوحيدة، وأخذ يجول في الأوزاعي بحثاً عن عمل، وبعد سؤال بائع الخضار واستديو التصوير وبائع الفروج وصل إلى "فرن الشمس" للخبز العربي والحلويات، وسأل موظف الصندوق:
ـ بدكم شغّيل؟
ـ شو بتعرف تشتغل؟
ـ اللي بدك إياه.