كتاب " شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي " ، تأليف د . راجح عبد الحميد كردي ، والذي صدر عن دار المأمون للنشر والتوزيع عام 2014 .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
You are here
قراءة كتاب شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

شعاع من السيرة النبوية في العهد المكي
فوقائع سيرة رسول اللهعليه الصلاة و السلاموما دار فيها من أحداث الدعوة ومراحلها وجهادها وتربية جيل هذه الفترة تربية صادقة إنما ذلك كله واقع حي، وثمار ناطقة؛ كان هذا الواقع وهذه الثمار حصيلة مجاهدة هوى النفس ومجاهدة طاغوت الجاهلية وانتصار العقيدة على الفتنة، وثمرة تغلب الإرادة القوية والعزيمة الصادقة على كل معوقات الارتفاع بالنفس المؤمنة والجماعة المستعلية بإيمانها على سائر النفوس الضالة، والكيانات الهابطة بجاهليتها. ولذا؛ فإنه لا أصدق منهجاً ولا أجدى تعاملاً مع هذه السيرة أكثر من الوفاء بالعهد مع الله ومع رسولهعليه الصلاة و السلامبأن يكون المسلم وأن تكون الجماعة المؤمنة على مستوى هذه الأحداث والوقائع في واقعها وتخطيطها لا لتعود تفهم هذه الوقائع مجرد ذكريات وأقاصيص؛ وإنما لنتعامل معها على أنها أشعة أمل وضاءة تحتاج إليها الجماعة التي تتصاعد في تربيتها، لأنه بالحاجة إلى الشيء يعرف هذا الشيء ويعظم قدره، وترتفع قيمته.
ومن هنا نجد أن من أهم حكمة لنزول القرآن منجماً، إنما كان ليثبت للأمة المسلمة واقعية منهجها في التشريع، وأن هذا التشريع ليس قانوناً يفرض قبل أن تكون النفس قد تهيأت له، وأصبح قناعة مختمرة وحاجة مُلحّة تريد حكم الله في هذا الواقع حتى أن الهدى - وهو أهم ما يطلبه المسلم وتبتغيه الأمة المؤمنة- إنما هو ثمرة المجاهدة حيث يقول الله عز وجل: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت69). فهذه الأحداث إذن حية بحاجة إلى أحياء أو إلى من عزموا صادقين على أحياء أنفسهم وإحياء أمتهم من جديد بها وبأنوارها وبالإفادة من دروسها وعبرها.