كتاب " كنز الحكايات " ، تأليف أحمد الحلي ، والذي صدر عن مؤسسة شمس للنشر والاعلام ، ومما جاء في مقدمة الكتا
You are here
قراءة كتاب كنز الحكايات
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الهرُّ و بنت الشوَّاك
مات شوَّاك وترك ثلاثَ بناتٍ وأمهن في كوخ، وسمعت الأخت الصغرى إن ثمة قصرًا فخمًا في المدينة سيُباع، فذهبت إلى هنالك خلسة وابتاعته بثمنٍ عالٍ جدًا (إلا أنه مؤجل) وبكت الأم كثيرًا لهذه الورطة، فمن أين سيدفعنَّ الثمن، لقد كذبت الابنة وورطت نفسها مرة أخرى.
وأخيرًا ذهبن إلى القصر، ووجدنَّ فيه قبقابًا عتيقًا، فلبسنه بالتناوب وأخذن يقرقعن فيه ليظن الجيران أنهن مشغولات بتنظيف القصر... وعند الغداء بعث الجيران صينية كبيرة مليئة بأشهى أنواع الطعام، ولما دخل الخادم بالصينية اختبأن لئلا يراهن.
غير أن الجيران جاؤوا يسألون أين رب المنزل، فقلنَّ لهم، إن زوج الصغرى تاجر وهو الآن على سفر.
وبعد أن تناولنَّ الغداء جاء هِـرٌّ وتركنَّ له بعض الطعام فتناوله، وترك لهنَّ درة كالبيضة... وبعث لهنَّ الجار الآخر بطعام، فوضع الهر في اليوم الثاني بيضةً أخرى... وتكرَّر هذا الأمر سبعة أيام، فأخذت الفتاة الصغرى الدُرَّر وباعتها في سوق المجوهرات بمئات الليرات، ودفعت ثمن البيت وأثثته تأثيثًا فاخرًا.
وقالت الصغرى في نفسها، إني أودُّ أن أرى أين يذهب هذا الهر ؟ فتبعته عن بُعدٍ... وسار الهِرُّ في طُرقٍ ملتوية حتى دخل بستانًا مهجورًا، ودخلت وراءه واختبأت في ركن لا يراها أحد فيه، فنزع الهر ثوبه فبدا شابًا بشريًا وسيمًا، ثم فكَّ علبة صغيرة مربوطة في زنده وفتحها فخرجت أجمل فتاة (وكانت زوجته) وأسندت رأسه على فخذها وراحت تقص عليه أجمل القصص حتى نام، فرفعت رأسه ووضعته على وسادة وتركت القصر فتبعتها الفتاة الصغرى، حتى رأتها تصل إلى خرائب مهجورة، واستقبلها شاب ماجن وشابات أخريات فزجروها لأنها تأخرت، فقالت لصاحبها الشاب الماجن، إنها لم تستطع أن تنيم زوجها إلا قبل قليل، وشتمت زوجها ورقصت معهم حتى أعياها التعب، وعادت فأيقظت زوجها بأعذب الكلمات والقُبل.
وفي اليوم التالي، أقام الشاب وليمة دعا إليها أصدقاءه الشباب وزوجاتهم في حديقة القصر، فأكلوا وضحكوا ورقصوا رقصًا عنيفًا، فتناولت بنت الشواك عظمة من بقايا الطعام ورمت بها زوجة الهر الخائنة، وفقأت عينها، فصاحت الزوجة من هول الألم، فاجتمع الحاضرون حولها، ووجدتها الفتاة فرصة سانحة للهرب.
وخرج الهِرُّ من قصره بعد ذلك، ولكن في هيئة رجل كهل هذه المرة، وحمل خرجًا مليئًا بالدرر وآخر مليئًا بالحاجيات المنزلية وراح ينادي في الأزقة:
- منو يحجي لي على جرح كلبي أنطيه هذا الخُرج اللي كله درر !
فخرجتْ النساء وأخذنَّ يقصصنَّ عليه حكايات بعيدة عن الموضوع، فكان يعطي كل واحدة منهن حاجة منزلية كالإبر والملاعق والبهارات.... الخ مكافأة لهن، إلى أن وصل إلى قصر بنات الشواك، فعرفته الصغرى، وحكت له حكايته كما وقعت إلى أن وصلت إلى الجملة الأخيرة: ((وتناولتُ العظمة وفقأتُ عين زوجتك )) !
فخرج الشاب إلى البرية وفتح العلبة وأخرج زوجته وأحرقها، وعاد إلى بنت الشوّاك وتزوجها بعد أن عاد شابًا جميلاً، فقالت الشقيقات لجيرانهن لقد عاد زوج أختنا التاجر من رحلته.