You are here

قراءة كتاب التعلم المدمج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التعلم المدمج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني

التعلم المدمج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني

كتاب " التعلم المدمج بين التعليم التقليدي والتعليم الإلكتروني " ، تأليف د.مفيد احمد ابو موسى و 

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 8

التعليم المتمازج وإعداد المعلمين

"التغيير رحلة وليس برنامجا ثابتا" (Fullen)

" لتكون معلما فإنك تحتاج إلى معرفة كثيرة ومنظمة ( Shulman, 1985,P.47 ) .

في مدرسة ما يقف معلم - لموضوع معرفي وليكن على سبيل المثال الرياضيات- أمام مجموعة من التلاميذ ويحمل بيده طبشورة، يبدأ بالسؤال عن الواجب الذي أعطي للطلبة في اليوم السابق، يحل الأسئلة على السبورة أو يطلب من بعض الطلبة حل بعضها أمام الجميع، يشرح بعضا من مسائل الواجب وقد لا يشرح شيئا منها، بل يكتفي بحلها أمام الجميع، ينقل الطلبة الحلول، يشرح الدرس الجديد، وتقدم مسائل ليتم حل بعضها في الصف وبعضها كواجب في البيت، يتنقل المعلم بين الطلبة ليتأكد من قيامهم بحل المسائل ويقدم المساعدة لمن لا يستطيع الحل.

لعل الصورة السابقة صورة مشتركة بين أغلب المعلمين في مختلف فروع المعرفة، وتعبر عما يجري في الغرف الصفية في مختلف الحصص. هذا ما خبره الكاتب منذ أن كان طالبا في المدرسة وحين كان معلما، وعندما عمل مشرفا تربويا يحضر الحصص عند المعلمين، ولعل من أفضل الطرق لفهم القضايا المتعلقة بممارسات المعلمين ومعرفتهم واعتقاداتهم حول الموضوع المعرفي الذي يدرسونه وطرق تدريسهم لذلك الموضوع، يتركز في القيام باستقصاء منظم يتوجه لفهم عميق للممارسات الصفية، ولمعرفة الأحداث التي تدور داخل تلك الغرف، واكتشاف معتقدات ومعارف المعلمين التي قد تكون الدافع وراء تلك الممارسات.

" إن إدراك المعلم لماهية الموضوع المعرفي الذي يريد تدريسه تؤثر في إدراكه للكيفية التي يجب أن يقدم بها ذلك الموضوع، وإن الكيفية التي يقدم بها المعلم الموضوع المعرفي الذي سيدرسه تشير لمعتقداته ... فالقضية إذا ليست ما هي أفضل طريقة للتدريس ؟ ولكن ما هي حقيقة ما يدور حوله الموضوع المعرفي ؟ " (Hersh,1986, P.13) .

تشير الفقرة السابقة إلى نوعين من المعرفة يجب أن يمتلكهما المعلم كي يتمكن من التدريس ألا وهما معرفته بالمحتوى المعرفي للمادة التي يدرسها (Subject Matter) ومعرفته بطرق تدريس تلك المادة المعرفية. كما تشير إلى أهمية المعتقدات التي يمتلكها المعلم حول المادة المعرفية التي يدرسها. ولكن هل تكفي تلك المعرفة لقيام المعلم بمهامه؟

يرى بولستر (1983) Bolster "أن معظم التأثيرات المهمة في معرفة المعلمين بمهنتهم تتكون وتصاغ داخل الغرفة الصفية، ويتطلب ذلك أصنافا محددة من المعرفة المشتقة من الاستخدامات التي يتوجب على هذه المعرفة أن تؤديها" (ص 295). إن القول السابق يوضح مفهوما مفاده أن التعليم نشاط مقصود في بيئة اجتماعية معقدة.

عندما يبدأ المعلم حياته المهنية بالتدريس فإنه يمتلك الرغبة في القيام بهذا العمل، ولكنه أيضا يحمل في فكره العديد من التصورات حول ماهية التدريس بتأثير من خبرته السابقة كطالب في المدرسة، ومن تجاربه الخاصة، ومن الإعداد الجامعي الذي حصل عليه، ومن البيئة المدرسية التي سيمارس بها مهنته، ومن أقرانه في التدريس، ومن طلبته الذين سيقوم بتدريسهم. إن جميع المؤثرات السابقة تدعو المعلم ليعتقد بأنه يعرف الكيفية التي يتم بها التدريس، وعليه فإنه سيقاوم أي إرشاد أو توجيه يقدم له من قبل الآخرين وبالذات المشرفين الرسميين، فعند أغلب المعلمين يعد التدريس شيئا تقوم به وليس شيئا تفكر به أو تدرسه دراسة أكاديمية، وعند الأغلبية لا يعتبر التدريس مشكلة حيث يستطيع الفرد تعلم التدريس من خلال المحاولة والخطأ باعتبار أن المهمة الأساسية للتدريس هي فقط نقل المعلومات للطلبة بصورة سلسة وبسيطة (Mayer, 1999).

ركزت أغلب الدراسات في الستينيات من القرن الماضي على تعريف معرفة المعلم بالمحتوى المعرفي من خلال عدد المساقات الخاصة بالموضوع المعرفي (معرفته بالرياضيات، معرفته باللغة العربية، معرفته بالفيزياء...) التي درسها في الجامعة، وأثبت الكثير من الأبحاث (Fennema,1992 )، (Alba, 2001)، (Brewer, 1997) عدم وجود علاقة قوية بين ما يعرفه المعلم من المحتوى المعرفي وبين تحصيل الطلبة مقيسا بالاختبارات المعيارية. وبعد أن تغير الاتجاه البحثي نحو الوصف أكدت الأبحاث أن معرفة المعلم بالمحتوى المعرفي لا تؤثر بالقرارات التي سيتخذها في الغرفة الصفية، وأن طبيعة الأثر الذي تحدثه معرفة المعلم لمحتوى معرفي معين لا زال غير واضح المعالم. فمثلا معلمة الأول الأساسي ذات المعرفة الغنية بأصول التدريس وفنونه وصاحبة المعرفة الجيدة بحقائق الجمع والطرح مثلا تنوع في الأمثلة المطروحة والمسائل المقدمة وتحاور الطلبة وتشركهم في الحصة بشكل كبير وواضح ولكنها في المقابل تحجم عند تدريسها لموضوع الكسور ولا تسلك نفس السلوكات. وعندما تسأل من قبل الطلبة عن مسألة لا تتوقع أن تسأل عنها فإنها تحول السؤال لمسألة إثرائية وتتنصل من الإجابة عنها. في حين يركز المعلم المعد أكاديميا بشكل جيد على فهم الطلبة للعمليات والعلاقات الداخلية التبادلية بين المفاهيم والتعميمات الواردة في المحتوى المعرفي المخصص (Fennema,1992).

لا يوجد اتفاق عام بين الباحثين التربويين حول ماهية مكونات التدريس الجيد، لذا يشير تومسون إلى أن طريقة التدريس التي يتبناها معلم ما تعتمد بشكل أساسي على مفهومه لما تعنيه المادة المعرفية التي سيدرسها (Thompson,1992).

وتوضيحا للفكرة السابقة نأخذ مثلا موضوع معرفي وليكن الرياضيات، فالرياضيات عند العديد من المتعلمين فرع معرفي يتميز بالدقة في نتائجه، وصحة إجراءاته، وأن عناصره الأساسية: العمليات الحسابية، والخوارزميات الجبرية، والنظريات الهندسية، وهم يرون أن معرفة شخص ما للرياضيات تكافئ مهارته في إجراء الخوارزميات، و قدرته على تحديد المفاهيم الأساسية لذلك الفرع المعرفي، وعليه فإن هذا الاتجاه يرى أن معرفة الرياضيات هي ابتكار الرياضيات (knowing mathematics is making mathematics) أي أن الرياضيات نشاط خلاق أو عملية منتجة مولدة للمعرفة الجديدة. وعليه فإن مفهوم التدريس الجيد التابع لمثل هذه النظرة يتمثل بعرض المفاهيم والإجراءات بصورة مختصرة وواضحة ومنح الطلبة الفرصة الكافية لممارسة الإجراءات وتمييز المفاهيم (Thompson,1992).

Pages