كتاب " أنساق التماثل في الشعر العربي المعاصر " ، تأليف د.
You are here
قراءة كتاب أنساق التماثل في الشعر العربي المعاصر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أنساق التماثل الدلالي في ديوان " أغنيات للصمت " لعبد الرحيم عمر : الصورة التشبيهية نموذجا
فأقمناه على دراسة التشبيه ولاسيما أنه يمثل حضورا متميزا في ديوانه، وقد أهله هذا الحضور لأن يكون إمكانية أسلوبية مميزة لشعره تسهم في خلق شعرية شعره، ولهذا فقد خصصت هذه الدراسة إلى القياس الكمي أو التحليل الإحصائي الوصفي لمعرفة مدى إيثار شاعرنا لتراكيب معينة على أخرى، إذ إن هذه السمات الأسلوبية تحظى بنسبة عالية من التكرار، ولما كانت ترتبط بسياقات معينة على نحو له دلالته، فإنها تصبح خصائص أسلوبية تظهر في النصوص بنسب وكثافة وتوزيعات مختلفة، وهذا ما يميز القياس الكمي ويكشف فاعليته.
لقد عمد هذا الفصل إلى رصد التشبيه رصدا إحصائيا تمثل في الكشف عن التراكيب اللغوية للصورة التشبيهية، فضلا عن رصد ركني التشبيه للصورة، وحاولنا تقديم تصور لدراسة الأنواع الأدبية الدلالية للصورة، وكشفنا عن العلاقة القائمة بين التراكيب اللغوية وباقي مكونات الصورة التشبيهية، وأوضحنا العلاقة بين النوع التركيبي ومكونات الصورة، وبينا العلاقة بين ركني التشبيه وباقي مكونات الصورة التشبيهية.وأثبتنا ملحقا لكل هذه الأنواع على شكل جدول في نهاية هذه الدراسة ليقف المتلقي على الصورة التشبيهية سياقيا، ويكشف عن مدى قدرة الشاعر في توظيفها نصيا للكشف عن رؤاه.
لقد انصب اهتمامنا في الغالب على المفردات المكونة للصورة من حيث التشكيلات النحوية والبلاغية التي تأتي عليها، التي قد تصل بعض الأحيان إلى درجة تختلط فيها بالخصائص الطبيعية الكامنة فيها، ثم من حيث العلاقات التي يحدثها الشاعر في تشكيله للصور بين المفردات بهذه الخصائص والصفات، والعلاقات بين المفردات أشياء قابلة للتفسير، وآراء قابلة للتعليل.
ويهدف هذا الفصل - فيما يهدف إليه أيضا - إلى رصد التشبيه في صوره المختلفة، ومحاولة الكشف عن دوره في بناء الأسلوب، من حيث كميته ووظيفته كبنية دالة تعكس حركة الذهن عند مبدعها، ثم تصله بنفس الحركة عند متلقيها، على أن يؤخذ بعين الاعتبار أن عملية التحرك الذهني تأخذ قيمتها عند الوقوع على التماثل، أي عند مجيء الدوال، بمعنى عندما يحاول المتلقي إدراك مدى الانزياح بين المدلولات وبين الدوال المتمثلة في الصورة التشبيهية التي يحاول الشاعر أن يخلق نوعا من التوافق النفسي بينه وبين العالم الخارجي عن طريق الصورة بشكل عام والصورة التشبيهية بشكل خاص التي تعد أساسية في كل عمل فني، ونحن لا نتأثر بهذه الصورة التشبيهية إلا لأنها تهيئ لنا حالة من الاندماج مع مظاهر التناسق الأخرى في العمل الإبداعي التي تعمل جميعا على التناسق مع العالم الخارجي، ومن هنا تأتي أهمية الصورة التشبيهية لأن الشاعر إن لم يوفق من خلالها إلى خلق حالة من التوافق بين الحركة التي تموج في نفسه والحركة التي تموج بها الأشياء فإن الصورة عندئذ تخفق في تحقيق غايتها الفنية، وتبقى تشكيلا ضبابيا، أي أنها لا تعيننا على ربط نفوسنا بالوجود الخارجي.
ونأمل أن نكون قد وفقنا في ذلك وبخاصة في فتح الآفاق أمام الدارسين للصورة التشبيهية سياقيا في شعر عبد الرحيم عمر.