كتاب " الصهيونية ..
You are here
قراءة كتاب الصهيونية .. النظرية والتطبيق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
دولة اليهود:
كان "ثيودور هرتسل"، الممثل البارز للأفكار الداعية إلى ذوبان اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها، وكان سعيه إلى إيجاد حل لمشكلة اللاسامية مسيرة متواصلة، شكلت فيها قضية الضابط اليهودي (الفرد درايفوس)، نقطة تحول مهمة، فقد كان الملازم (درايفوس)، ضابطا في الجيش الفرنسي، وقد اتهم في أواخر عام 1894 بخيانة فرنسا، فحوكم وعوقب، ثم أعيدت محاكمته وبرئت ساحته عام 1906. وقد أثارت القضية برمتها أصداء عميقة في معظم دول غرب أوروبا، لا سيما بعد أن اتضح أن إدانته لم تستند إلى أدلة حقيقية، وأن كل المزاعم ضده، كانت محض تخرصات، اشتقت جذورها من دوافع لا سامية.
ولا شك في أن هذه القضية، شكلت أحد العناصر التي أيقظت النزعة الصهيونية، داخل (هرتسل).
لم يكن لدى (هرتسل) موارد مالية، أو قوة سياسية، يعتمد عليها لتحقيق ما يجول في خاطره، وكان يدرك أن النقاشات الأيدولوجية، أو نشر المقالات في الصحف اليهودية محدودة الانتشار، لن يحدث أي تغيير في وضع يهود أوروبا، لذا كان بحاجة ماسة إلى خطوة تسهم في تحريك المجتمع الأوروبي، وإحداث تغير جوهري في وضع الشعب اليهودي، الذي سيهجر أرض الشتات، ويعود إلى أرضه، وقد أقضّت الفكرة مضجعه، في حقيقة الأمر، واستحوذت على جل اهتمامه، فعكف على وضع كتابه (دولة اليهود)، وواصل الليل بالنهار لإنجاز هذا الهدف. وفي غضون خمسة أيام من 13 وحتى 17 حزيران 1895، تمكن هرتسل من كتابة المسودة الأولى، ذات الصفحات الخمس لهذا الكتاب، الذي كان بمثابة خطاب وجهه إلى عائلة روتشيلد.
ولقد وصف البروفيسور (أفنيري) كتاب هرتسل بالقول: "إنه أشبه ما يكون بمذكرة قضائية دقيقة ومضبوطة، ورغم قلة صفحاتها، تشتمل على الكثير مما يجب أن يقال". ومن الواضح أن (هرتسل)، كان يدرك أنه لا يستطيع تصديع رأس عائلة (روتشيلد)، بقضايا معقدة.
وانطلاقا من قناعته، بأن كتابه يضمن أسسا يمكن أن تحدث (ثورة) في حياة الشعب اليهودي، كتب يقول: "لقد خشيت على نفسي، في بعض الأحيان من الجنون،
الأفكار التي سكنتني، كانت أشبه بعاصفة هوجاء أرّقتني، ورغم أن حياة الإنسان لا تكفي لتحقيق كل شيء، بيد أنني سأترك هنا إرثا روحيا لكل شخص".
بدا واضحا، أن نشر الكتاب بالنسبة لهرتسل، كان بمثابة وصية سياسية، واستكمال كتابته، كان بمثابة الانتهاء من مهمة ألقيت على عاتقه.