كتاب " الصهيونية ..
You are here
قراءة كتاب الصهيونية .. النظرية والتطبيق
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
المحاولات الأولى:
استمر المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عقد في صيف عام 1897 ثلاثة أيام، كان كل ما حدث خلالها، وما اتخذ من قرارات، يشير إلى بداية مرحلة جديدة في التاريخ اليهودي.
لقد أوجد عقد هذا المؤتمر، في واقع الأمر، وللمرة الأولى، هيئة يهودية منظمة، كافحت من أجل إقامة دولة للشعب الذي تشتت بين مختلف الأمم، ونفي من "أرضه" قبل ذلك بألف وثمانمائة عام، كانت تلك المرة الأولى منذ دمار الهيكل الثاني، التي يلتئم فيها ممثلو الشعب اليهودي، من شتى أنحاء المهاجر، ليقرروا مصيرهم بأنفسهم، وليحددوا المسار الذي سينتهجونه، والذي تحققت نتائجه بعد خمسين عاما، عندما تقرر خلال اجتماع الهيئة العمومية للأمم المتحدة، إقامة دولة يهودية لشعب إسرائيل في (أرض-إسرائيل).
ولقد ظهر مصطلح "الكونغرس الوطني-المؤتمر الصهيوني" للمرة الأولى، في كتاب "أوتومنسيفتسيا"-التحرير الذاتي، الذي ألفه الزعيم اليهودي، (يهودا ليف ليئون بينسكر)، وصدر عام 1882، باللغة الألمانية، حيث دعا فيه اليهود، إلى عدم انتظار قدوم المسيح لينقذهم، بل تقرير مصيرهم بأنفسهم.
وقال (بينسكر) في كتابه، "إن شعب إسرائيل في المهجر، ليس شعبا حيا، بل هو شبح شعب، يخيف أمم العالم، وهذا الخوف إلى جانب عوامل اقتصادية واجتماعية، هو المنهل الذي تستقي اللاسامية جذورها منه، وحل مشكلة اللاسامية، يكمن في السعي من أجل التحرر الذاتي، الصحوة القومية، وتثبيت اليهود في أرض تكون لهم، وليس في الحملات الإعلامية، التي تشجب كراهية اليهود".
وأود أن أشير هنا إلى أن هرتسل قال ذات مرة "لو قرأت كتاب (الاوتومنسيفتسيا)، لما وضعت كتاب (دولة اليهود).
كان (بينسكر)، نتاجا بارزا لمرحلة ثقافية، وقد شهد تجدد القومية الفرنسية، الذي تجسد من خلال الثورة الفرنسية، كما شهد انعقاد المؤتمر القاري الأول في الولايات المتحدة الأمريكية، فتاق لأن يشهد الشعب اليهودي أحداثا مماثلة.
في عام 1883، نشر (بينسكر) والزعيمان اليهوديان الدكتور (تسفي هرمان شفيرا)، الذي عرف بـ (أبي الصندوق القومي)، والدكتور (ماكس مندلستم)، أحد زعماء حركة "محبة صهيون"، بيانا دعوا فيه إلى توحيد صفوف القوات اليهودية، وبلورة تنظيم حقيقي لحركة "محبة صهيون".
كان بالإمكان، اعتبار اجتماع ممثلي حركة "محبة صهيون"، في إطار مؤتمر (كتوفيتس) عام 1884، بمثابة (كونغرس وطني)، غير أن من شارك في المؤتمر، هم ممثلو روابط الحركة في روسيا، الذين قرروا، بعد وقت قصير، أن تكون مدينة (أوديسا)، مقرا للجنة المركزية الخاصة بهم.
وفي عام 1891، نشر شاب يهودي-ألماني، يدعى الدكتور (ماكس بودنهايمر)، الذي عرف في تلك الفترة كأحد معاوني هرتسل، وكمستشار قانوني في الهستدروت الصهيوني، مقالة تحت عنوان "أيها الصهاينة في كل الأرض، اتحدوا".
لم تتمخض تلك المحاولات في واقع الأمر، عن حدوث شيء، بيد أن الدعوة لعقد "مؤتمر صهيوني"، أحدثت أصداء واسعة بين أنصار حركة "محبة صهيون".