You are here

قراءة كتاب انقلاب عسكري في اسرائيل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
انقلاب عسكري في اسرائيل

انقلاب عسكري في اسرائيل

كتاب " انقلاب عسكري في اسرائيل  " ، تأليف تسفيكة عميت ، والذي صدر عن

تقييمك:
3
Average: 3 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 6

الرئيس يقلب الموازين

أغلق رئيس الحكومة حقيبة الوثائق الثقيلة التي كانت موضوعة أمامه على الطاولة ونهض بتثاقل، وسار بخطوات بطيئة باتجاه الباب الفاصل بين مكتب العمل وغرفة المعيشة. وألقى نظرة خاطفة باتجاه ساعة الجدار، التي كانت عقاربها تشير إلى الحادية عشرة والنصف ليلا، وهمس لنفسه: يكفي عملا اليوم، وفكر لو أن زوجته كانت على قيد الحياة، لطردته منذ زمن من غرفة العمل إلى غرفة النوم.

ورغم أنه مضت خمس سنوات على وفاتها، إلاّ أنه لم يسلم بالوضع، لقد رافقته طيلة حياتهما المشتركة اينما ذهب، وبينما كان هو منشغلا بشتى القضايا، اهتمت هي بجميع المسائل الأخرى: أن يتناول وجباته في موعدها، وأن يرتاح بين الفينة والأخرى، وأن يزور الطبيب حينما يجب ذلك، وأن يأخذ قسطا من الراحة من أعباء العمل، وفي الليل، كانت تتلفع بشيء ما، وتجلس إلى جواره، يصغيان معا إلى موسيقى أو أغنية ما.

لم تكن معنويات رئيس الحكومة عالية بشكل خاص فقبل ساعة أعلمه سكرتيره العسكري بوقوع عملية جديدة على الطريق المفضي من "نابلس" إلى "كرني شومرون" فقد نصبت خلية فلسطينية مسلحة كمينا على أحد المنعطفات، وهاجمت سيارة إسرائيلية خاصة بالأسلحة الأتوماتيكية مما أسفر عن إصابة السائق بجراح، ومقتل ابنه، وكان رئيس الحكومة يعرف الأب الجريح عن كثب، فهو "روبن جليك" نائب قائد اللواء الخامس والستين عندما كان هو قائدا للفرقة.

لقد آمن رئيس الحكومة في أعقاب وفاة الرئيس الفلسطيني عرفات، بأن الرئيس الجديد سيضع حدا للعمليات، بيد أن فصيلا فلسطينيا ما كان يعود بين الفينة والأخرى لتذكير الإسرائيليين بأن النضال الفلسطيني لا يزال قائما ومعه العمليات العسكرية وهمس رئيس الحكومة لنفسه قائلا: هذا الوضع لن ينتهي أبدا وتنهد بعمق.

كانت صورة رئيس الحكومة تتلاءم تماما مع ما كان متوقعا من رجل شغل طيلة نصف قرن سلسلة طويلة من الوظائف العسكرية، ثم بعد ذلك سلسلة من الوظائف السياسية: مقاتل جريء، ورجل صلب، وسياسي حاسم وماكر، قادر على فعل أي شيء يمكنه أن يحسن مكانته وينفذ الأيديولوجية التي يؤمن بها.

لقد كانت مسألة محاربة(الإرهاب) على رأس قائمة جدول أعماله، وكان مؤيدوه وخصومه يدركون أنه لن يتردد بالقيام بأية خطوات واستخدام جميع الوسائل الممكنة، مهما كانت قسوتها من أجل إحراز النصر في هذه الحرب أما في داخله، فقد كان إنسانا شديد الحساسية ويسهل أذيته لقد كان تقرير أو نبأ من هذا القبيل يضيف نقطة مرة إلى كأس مرارته الشخصية.

بدت غرفة سكن رئيس الحكومة مؤثثة بتواضع وبصورة محافظة، ففي زاويتها كان هناك مقعد ثقيل ذو غطاء بني اللون وإلى جواره مقعدان عميقان بنفس اللون، وبالقرب من الجدار كان هناك جهاز تليفزيون وإلى جواره جهاز تسجيل حديث، وباب زجاجي يقود من الغرفة إلى الحديقة المحيطة بالمنزل.

اتجه رئيس الحكومة نحو جهاز التسجيل واختار بعناية من مجموعة الأشرطة، شريط ملحمة"شاؤول" التي أعدها(هندل) ثم جلس في المقعد، وأغمض عينيه، وأخذ يصغي لتفسير"هندل" الموسيقي لملحمة الملك التوراتي "شاؤول" الذي فقد مملكته، ثم انتحر بسيفه كي يحول دون سقوطه حيا بأيدي أعدائه، لقد لاءمت الموسيقى الملحمة الاسطورية لحالته النفسية بوضع مذهل.

شارفت الساعة على الثانية عشرة، فضغط على زر جهاز السيطرة عن بعد، وفتح التليفزيون فانبعثت منه موسيقى بداية الأخبار، حيث تصدر النشرة نبأ عملية"كرني شومرون" حيث قال المذيع:"أخذت منظمة الجهاد الإسلامي على عاتقها مسؤولية العملية وقد اذاعت المنظمة شريط فيديو يصور العملية. وظهر على شاشة التليفزيون منحنى الطريق والسيارة تندفع على الطريق، ثم سمعت أصوات الطلقات النارية فتوقفت السيارة، وخرج منها شخصان، وانهارا على الطريق، وتلى ذلك صور التقطها مصور القناة التليفزيونية، وظهرت فيها صورة جثة مغطاة، وشخص جريح يجري نقله من المكان بنقالة، ثم ظهرت صورة صبي، وقال المذيع:"عران جليك من مستوطنة(معاليه جييم) لقد كان من المفروض أن يحتفل غدا بعيد ميلاده السادس عشر وبدلا من ذلك، سيحمله ذووه إلى مثواه الأخير".

* * *

Pages