You are here

قراءة كتاب انقلاب عسكري في اسرائيل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
انقلاب عسكري في اسرائيل

انقلاب عسكري في اسرائيل

كتاب " انقلاب عسكري في اسرائيل  " ، تأليف تسفيكة عميت ، والذي صدر عن

تقييمك:
3
Average: 3 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار الجليل
الصفحة رقم: 10

خفض رئيس الحكومة صوته، وقال:" وهناك شيء آخر، بمنتهى التواضع يمكنني القول: أن ما يمكنني أن أمرره، لا يستطيع أي شخص من الأشخاص المحتملين الذين سيخلفوني، سواء أكان ذلك في معسكرنا أو في معسكر اليسار أن يمرره، أو ربما أنكم تعرفون شخصا قادرا على ذلك؟ وبدا صوته ساخرا، لقد كان رأي رئيس الحكومة في ورثته المحتملين معروفا تماما.

وأضاف.." لست شابا، وإلى متى سأبقى في هذا المنصب؟ إنني أشعر أن لا مناص سوى الاتجاه نحو هذا المسار الذي يبدو في ظل الواقع الحالي، أنني الشخص الوحيد القادر على تنفيذه ويبدو رغم ذلك أن هناك الله في هذا العالم" ابتسم "رئيس الحكومة" ابتسامته الساخرة المعروفة، وقال:" وهو الذي وضعني هنا، في هذه النقطة، وفي هذه اللحطة الزمنية.

دخلت سريت، ووجهها مقطب، وقدمت إلى رئيس الحكومة ورقة مطوية، فتناولها، ونظر إليها وأقطب جبينه، وقال:" عملية أخرى، انفجار في حافلة في كفر سابا، يوجد قتلى، صليني برئيس الأركان ورئيس جهاز الأمن العام، سنتوقف الآن، وسنواصل بعد نصف ساعة.

لا يتذكر"عشهال" كيف وصل من مكتب رئيس الحكومة إلى مكتبه الكائن في الطرف الآخر من المكتب، وقد لاحظت عدنه، سكرتيرته الخاصة، بالثورة الجامحة التي تجتاحه، وسألته: ماذا حدث؟؟ بيد أن "عشهال" لم يسمع السؤال، بل في الحقيقة لم ير عدنه أصلا، ولا شيء آخر، ودخل مكتبه وأغلق الباب وراءه.

مضت نصف ساعة تقريبا، قبل أن يدرك أنه جالس على مقعده ويحملق في الحولية المعلقة على جدار المكتب دون قصد، كانت أقوال رئيس الحكومة تطن في رأسه، وقال لنفسه لقد حدث شيء ما لهذا الرجل الكهل، وعاد يكرر لنفسه: لقد حدث شيء ما لهذا الرجل، لقد فقد شجاعته، واتزانه، ما الذي حدث له؟؟ وعادت أقوال رئيس الحكومة تطن في رأسه وتطعنه بلا توقف ولا هوادة كموجة تلطمه، ثم تنحسر، وتعود لتلطمه من جديد.

دخلت عدنه، ووقفت أمامه، فسألها: ماذا تريدين؟

-عدنه:"هل أنت بخير؟؟ وبدت قلقة.

-"عشهال":"نعم".

-عدنة:"يستدعونك، يريدون أن تذهب إلى رئيس الحكومة".

نهض "عشهال"، وسار باتجاه مكتب رئيس الحكومة ورغم أن المسافة الفاصلة بين المكتبين لم تكن تتعدى امتاراٌ معدودة، إلاّ أنها بدت طويلة للغاية.

رمقته سريت بتعاطف حينما دخل مكتب رئيس الحكومة، وقالت:" لا تقلق، ستسير الأمور على مايرام".

نظر إليها "عشهال"، وخيل له أنها تعرف كل شيء وقال:" إذا كنت تقولين ذلك، فأنت تعرفين كل ما يحدث هنا".

فتح"عشهال"، مكتب رئيس الحكومة ودخل إليه دون أن يدق على الباب، وبدا له كل شيء كعهده لم يتغير منذ أن غادر الغرفة قبل نصف ساعة. بيد أن الغرفة التي يعرفها جيدا، بدت له في هذه اللحظة كدرة ومهددة، ثم دخل في إثره رونان وفريدمان، وجلس كل واحد منهم في مكانه.

استقبلهم رئيس الحكومة بوجه متكدر وقال: سقط سبعة قتلى وهناك حوالي ثلاثة وعشرين جريحا، يجب وضع حدٍ لهذا الوضع سنرد عليهم، ثم سيردون، يجب كسر هذه الدائرة. بيد أن المساعدين الثلاثة لم يعقبوا، فقد كانوا يدركون ما الذي يقصده رئيس الحكومة.

واصل رئيس الحكومة الحديث قائلا:" يجب التحدث معهم، لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك، قلنا في البداية، سننتظر حتى يأتي الجيل الذي سيحل محل عرفات، وقد جاء الجيل الجديد، والآن وبعد أن اختفى عرفات عن منصة الأحداث، لا يمكننا أن نزعم بعد ذلك أنه لا يوجد شريك يمكننا التحاور معه في الطرف الآخر، لقد انتهى وقت هذا التبرير.

توقف رئيس الحكومة للحظة، وغرق في تفكيره لبعض الوقت، ثم قال بلهجة مكاشفة قلبية:" إذا عُدنا بتفكيرنا إلى الوراء، فسنجد أننا قد نكون أخطأنا بعدم التفاوض مع عرفات، لقد كان قادرا على تزويدنا بالبضاعة اللازمة، فورثته ضعفاء، ولا يملكون الصلاحيات التي كان يملكها اتجاه أبناء شعبه، ومن الجائز أن ذلك بالضبط ما سيرغمنا على تقديم المزيد من التنازلات، بيد أننا لا نستطيع الانتظار حتى يأتي زعيم قوي".

وابتسم ابتسامته الساخرة المعهودة، وقال: يمكننا القول: أنه حينما يصبح لديهم زعيم قوي، فلن يكون لدينا نحن زعيم قوي، فأنا لن أعيش إلى الأبد، وإذا كانت الخلاصة هي أنني الوحيد القادر على فعل ذلك، فلا خيار أمامي، يجب التحدث معهم، وأن نقيم لهم دولتهم، وصمت للحظة، ثم ابتسم ابتسامته الساخرة، وقال:"تخيلوا أنني هرتسل الفلسطينيين".

جلس "عشهال" طيلة ذلك الوقت متقوقعا على نفسه، يحملق في رئيس الحكومة هو والاثنان الآخران بصمت بانتظار أن يكمل رئيس الحكومة حديثه، زفر رئيس الحكومة زفرة طويلة من أنفه، وقال: لا يوجد أي خيار، سنضطر لإخلاء مستوطنات أيضا هنا في الضفة الغربية، سنحاول الإبقاء على غالبية المستوطنات، وتجميعها في كتل بيد أننا أحيانا نضطر لبتر عضو من أجل الإبقاء على باقي أعضاء الجسم.

صمت رئيس الحكومة، وبقي نظره معلقا في فضاء الغرفة، في مكان ما فوق رؤوس مساعديه، الذين لم يجرؤ أي منهم على التفوه بكلمة، لقد أدركوا تماما مضمون ومغزى ما قاله.

استمر الصمت الصاخب لحظات حتى قطعه رئيس الحكومة قائلا: أنتم الأشخاص الذين أثق فيهم أكثر من أي أشخاص آخرين، وأنا أعتمد عليكم في هذه القضية، وأيضا عليك" وتوجه بنظره نحو "عشهال" هل بمقدوري حقا الاعتماد عليك؟؟ بيد أن "عشهال" تقوقع على نفسه من جديد، ودار ببصره في أرجاء الغرفة دون ارتياح، ولم يجب، لكن رئيس الحكومة لم يتخل عن اللحظة السانحة، وقال:" اسألك للمرة الثانية هل بمقدوري الاعتماد عليك؟؟ فرد عليه عشهال مغمغما:" هذه صدمة بالنسبة لي، لست أدري ما العمل؟؟.

هز رئيس الحكومة رأسه، وابتسم بحزن، وقال: "أنا أعرف ذلك، قل بصدق: لو كانت هناك طريقة أخرى، هل تعتقد أنني كنت سأقبل أن أكون في هذا الموقف؟؟ ثم نهض من مكانه، ووضع يده على كتف عشهال، وقال: هل تصدقني؟؟

لم يرد "عشهال" على السؤال، وبدا رأسه غارقا عميقا بين كتفيه، ولم يرفع رأسه، ثم قال بصوت مختنق:" ربما من الأفضل أن أستقيل".

نظر إليه رئيس الحكومة بذهول، وقال:"هذا ليس واردا بالحسبان، ولن يحدث أبداٌ، ثم التفت رئيس الحكومة نحو مساعديه الآخرين وقال: دعونا وحدنا لبضع دقائق".

غادر رونان وفريدمان الغرفة، وغرس رئيس الحكومة نظراته في وجه "عشهال"، الذي خفض بصره وسأله رئيس الحكومة:" ما الذي حدث لك؟؟

انفجر"عشهال" بصورة فجائية:" كيف يمكنك فعل ذلك؟ كيف يمكنك أن تتنكر لكل ما فعلته في حياتك؟؟ وكيف تريد أن أتنكر أنا لكل ما أؤمن به؟؟ وأخذ يوضح بسرعة جميع ملاحظاته على خطة رئيس الحكومة، وقد أصغى إليه رئيس الحكومة بأناة وصبر، دون أن يقاطعه ولو للحظة واحدة، وعندما انتهى من حديثه، تراجع رئيس الحكومة في مقعده، وقال:" أريد أن أسألك سؤالاٌ واحدا، هل سألت نفسك لماذا اشركتك في هذه الخطة؟؟

-"عشهال" أنا مساعدك السياسي".

Pages