You are here

قراءة كتاب الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

كتاب " الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921) " ، تأليف د.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

ويظهر أن البريطانيين في القاهرة كانوا يؤيدون ترتيب المقاومة ضد الأتراك في العراق، بالاعتماد على الضباط العراقيين. ففي الأيام المبكرة من الحرب فوتح "عزيز علي المصري" في مصر من قبل اللورد كشنر، على أمل كسب العرب، بخاصة الضباط والجنود العراقيين على أرض العراق إلى جانب البريطانيين. فقطع المصري مفاوضاته مع البريطانيين عندما احتلت قواتهم البصرة([48]). وفي أثناء حصار الكوت في العراق عام 1916، اقترحت وزارة الخارجية البريطانية على وزارة الهند إرسال عزيز علي المصري ومحمد الفاروقي (ضابط عراقي) إلى العراق لمساعدة القوات البريطانية على إقامة مقاومة عربية([49]). رفضت وزارة الهند مؤكدة بأن "يبدو لنا بأن آراءهم وخططهم السياسية متقدمة كثيراً جداً لتكون أمينة. العراق سيكون في رأينا غير مرغوب فيه وغير مناسب"([50]). حتى الضباط العراقيون الذين عرضوا خدماتهم على الإدارة البريطانية في البصرة جوبهوا بالشك والترّدد.

مع هذا، فالبريطانيون في مصر كانوا ما يزالون مقتنعين بأن الظروف في العراق هي "مثالية لحركة عربية"([51]). على هذا الأساس، أرسل لورنس المعروف لورنس العرب إلى البصرة في آذار 1916 ليمهد السبيل إلى ثورة في العراق. ذلك من خلال "سليمان فيضي" (قومي بارز في البصرة). حاول لورنس إقناع بعض الضباط العراقيين الذين يعتبروا- حسب رأيه- الأشد في عدم ولائهم للأتراك. رفض هؤلاء الضباط الذين فوتحوا من فيضي، والذين كانوا أسرى حرب، فكرة الثورة ضد الأتراك، لذا فشلت مهمة لورنس([52]). وكان هؤلاء الضباط يعبرون عن رد فعلهم ضد السياسة البريطانية في العراق التي كانت قد رفضت كل مساعدة عرضت منهم سابقاً.

حققت المفاوضات المستمرة بين الشريف والبريطانيين في مصر للإعداد للثورة بعض التقدم. ففي (10) حزيران 1916، اندلعت الثورة في الحجاز، مع هجمات في وقت واحد على المواقع التركية في مكة والطائف وجدة والمدينة. واعتمد الدعم العسكري والدبلوماسي والمالي للثورة على الحكومة البريطانية.

شكلت مشاركة بريطانيا العامل الحاسم للقوميين والضباط. فقد أشار "وميض جمال عمر نظمي" إلى إن "أولى بذور الانقسام بين القوميين العراقيين ظهرت حول مسألة الموقف الواجب اتخاذه أزاء حركة الحجاز في ضوء علاقتها الوثيقة مع الإنكليز([53]). فلم يثق بعض الضباط العراقيين بأهداف بريطانيا في المنطقة، ومنهم ياسين الهاشمي وأخيه طه ومحمود سامي وسامي النقشلي وجميل قبطان ومحمود رامز وشاكر محمود (بغداد) وشاكر محمود (المسيب[54]). ومهما كان موقف الضباط العراقيين، فالسلطات البريطانية في مصر أدركت مبكراً الحاجة الملحة إلى خدمة ضباط جيش متدربين، وبناءاً عليه نصحت تلك السلطات الشريف حسين باستخدام الضباط العرب الذين سبق أن كانوا في الجيش العثماني([55]). فهؤلاء الضباط يمكن أن يقدموا فائدة لكل من البريطانيين والشريف، بسبب خبرتهم في الجيش العثماني. حيث بين لورنس (رجل المخابرات البريطاني) فيما بعد حول هذه النقطة: ضباطنا العرب سبق أن كانوا ضباطاً أتراكاً، وعرفوا شخصياً كل قائد في الجانب الآخر. فهم خضعوا لذات التدريب، وفكروا بذات التفكير، واتخذوا وجهة النظر ذاتها([56]).

قبل الشريف حسين استخدام الضباط العرب تحت قيادة أبنائه بعد ذلك، بمبادرة من "محمد الفاروقي"، وقدمت عروض إلى الضباط العرب الذين كانوا أسرى في معسكرات بريطانية في الهند ومصر للانضمام إلى الثورة([57]). بموجب ذلك تركوا الجيش العثماني، وتطوعوا للالتحاق بالثورة. وكان أغلبهم ضباطاً عراقيين. من بينهم نوري السعيد وعلي جودت الأيوبي ومولود مخلص. كما التحق بالثورة عزيز علي المصري.

في قتالهم إلى جانب البريطانيين، لم يصبح الضباط العراقيون موالين لبريطانيا؛ فهم كانوا عرباً قوميين أولاً. فمثلاً، عندما وصلت أخبار إعلان وعد بلفور في (2 تشرين الثاني عام 1917) إلى الحجاز، رفض الضباط العراقيون المشاركة في أي فعل عسكري ضد الأتراك حتى يوضح البريطانيون القضية([58]). وعلى الرغم من ذلك، فمثل هذه الحوادث كان لها تأثيراً هامشياً في التحالف مع البريطانيين في أثناء الثورة وقبول الضباط العراقيين بهذا التحالف هو من أجل كسب استقلال بلادهم. ويقول و"ميض جمال عمر نظمي" بأن "في التحليل النهائي، تبقى حقيقة إن الضباط العراقيين، بحكم اشتراكهم الفعلي في الحركة الهاشمية قد دخلوا عملياً في تحالف مع سياسة بريطانيا"([59]).

Pages