You are here

قراءة كتاب الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921)

كتاب " الجيش العراقي بين خطورة السياسة وشح السلاح (1958-1921) " ، تأليف د.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

المبحث الثاني : الدعوة للاستقلال عام 1918

كان الضباط العراقيون منشغلين بالقتال لتحرير الحجاز وسورية من الأتراك، لكنهم لم يتوقفوا عن العمل من أجل استقلال بلادهم. فآمالهم بهذا الشان كان قد أحياها إعلان الجنرال مود Maude في (19) آذار 1917، بعد احتلال بغداد من الجنود البريطانيين، حيث أشار بالقول "لم تأتي جيوشنا إلى مدنكم وأراضيكم كفاتحين، أو أعداء، لكن محررين([60]). ارتفعت هذه الآمال أيضاً بنشر مبادئ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسن Woodrow Wilson الأربعة عشرة في كانون الثاني 1918 لتؤمن ضمان العيش للقوميات التي كانت تحت الحكم التركي([61]).

دخل الجيش العربي إلى دمشق في الأول من تشرين الأول عام 1918 وحرر كل سورية بعـد دفع الجنود الأتراك إلى خارج حلب في (25) تشرين الأول. وفـي (5) تشرين الثاني أسس فيصل حكومة عربية مستقلة، ترأسها بنفسه. لقد عيّن الضباط العراقيين الذين قاتلوا معه، وأولئك الـذيـن التحقوا بالجيش العربي بعد دخوله إلى سورية، في مناصب مهمة في هذه الحكومة([62]). ويبدو، جهل البريطانيين بثقافة، هـي غير ثقافتهم، وحيث كـان غالبية الضباط العراقيون بعيديـن عـن بلادهم لأكثر مـن سنتين يقاتلون مـن أجـل القضية العربية. فأستغلت الإدارة البريطانية فـي العراق ذلـك الغياب وأدعـت بـأن هـؤلاء الضباط كانـوا يجهلون طبيعة وإدارة مشاكل بلادهم الإدارية والعسكرية معاً. وتحت هذه الذريعة رفض "ويلسون" المفوض المدني البريطاني رجوعهم إلى بلادهم([63]). وهو على ما يبدو لم يفهم الدافع الذي كان قد حث هؤلاء الضباط قدماً ليتحملوا كل صعوبات حرب الصحراء والقتال في جيش لم يعرف السلام أبداً، وإنهم سيكونون قادرين على أن يفعلوا الشيء ذاته حتى إذا كان ضد بريطانيا.

جددت جمعية العهد نشاطها وانشقت إلى قسمين: قسم سوري وآخر عراقي في نهاية عام 1918. وكل قسم عمل لأجل قضية بلاده، ضمن إطار الوحدة العربية([64]). أما جمعية العهد العراقية فتألفت في الغالب من ضباط عراقيين تحت قيادة ياسين الهاشمي، وكانت الجمعية قادرة على إعادة إنشاء فروعها في الموصل والبصرة وبغداد([65]).

عدت جمعية "العهد" بريطانيا المصدر الوحيد للمساعدة في الحصول على استقلال العراق. وهو ما جعل الجمعية غير قادرة على جذب عدد كبير من الأعضاء إلى بغداد. لذا، أسس بعض القوميين العراقيين حزباً جديداً تحت اسم "حرس الاستقلال" في شباط 1919. دعا هذا الحزب إلى استقلال كامل للعراق وإلى إنشاء ملكية دستورية تحت قيادة ابن الملك الشريف حسين([66]). جذب منهاج الحزب القوميين وبعض أولئك الذين انضموا إليه كانوا أعضاء سابقين في العهد، مثل ناجي شوكت وعبد الغفور البدري. وتمكن الحزب من إنشاء فروع في الكاظمية (ضاحية في بغداد) والنجف والحلة والسليمانية.

عارض حرس الاستقلال قبول أية مساعدة بريطانية للحصول على الاستقلال، بينما لم تعتقد جمعية العهد بأن المساعدة التقنية والاقتصادية ستنتهك الاستقلال المطلق للعراق([67]). فباتت هذه المسالة السبب الرئيس للخلافات بينهما. واستناداً إلى وميض عمر نظمي، كان المعتدلون يتصورون "عراقاً مستقلاً يوجهه ويحميه الإنكليز، أما الآخرون فكانوا يدعون إلى استقلال تام أو مطلق غير مقيد بأي شكل من النفود للإنجليز". وتبنى وجهة النظر الأولى نوري السعيد وجعفر العسكري. أما الأخرى فقد تبناها ياسين الهاشمي ورمضان شلاش وعلي جودت وجميل المدفعي ومولود مخلص([68]).

مهما كانت الخلافات بين الوطنيين العراقيين، فهم جميعاً أرادوا أن تحكم بلادهم من حكومة وطنية. لقد عدوا إنشاء دولة عراقية كحق بموجب مبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون الأربعة عشرة وخاصة المتعلق منها بحق الشعوب في تقرير مصيرها. فهم بالتالي لم يترددوا في استغلال كل مناسبة للتعبير عن مطالبهم حول بلادهم. غير إن جهودهم ذهبت سداً بسبب إن الإدارة البريطانية في العراق كانت ما تزال غير جادة بشأن إعطائهم المسؤولية عن شؤونهم الخاصة، فأججت العواطف الوطنية أوساط الشعب العراقي، التي أدت بدوّرها إلى حركة متماسكة أكثر فكانت الحركة قادرة بالتالي على كسب التأييد في كل أرجاء البلاد في معارضة الاحتلال البريطاني.

Pages