قراءة كتاب أكواخ الظلام

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أكواخ الظلام

أكواخ الظلام

كتاب " أكواخ الظلام " ، تأليف عبدالله بن علي السعد ، والذي صدر عن

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

أكواخ الظلام

كانت حجرة علوية باردة.. يضيء ظلامها نور القمر إذا اكتمل.. وشمعة تشتعل في خجل فيتوارى ضوؤها على بقايا الأشياء التي لا تأخذ من الحقائق إلا اسمها.. سرير هو في الحقيقة قطعة خشب صلبة يتعب الرجل القوي من الاستلقاء عليها.. غطيت ببعض المتاع مما يسمى ملاءة وما شابه ذلك.. ووسادة خشنة غير متساوية.. وصندوق وضع بجانب السرير ليكون خزانة صغيرة للطوارئ.. وصندوق أكبر قليلاً رصت فيه أسمال فتاة في التاسعة من العمر.. ثوبان باليان يطل منهما جسد الصغيرة من أكثر من موضع.. ومنضدة أقل اهتراءً وكرسي أكثر صلابة من السرير.

الجو بارد في هذه الأيام من السنة.. وخوفاً من نشوب الحرائق في العلوية لم يكن هناك موقد للتدفئة.. واكتفى أصحاب البيت بزيادة عدد الأغطية فوق جسد الصغيرة.. وهكذا تمر ليالي الشتاء.

- مرحباً رُبى.. انتهيت من أداء واجباتي هذا اليوم.. وقلبت بين يديها دمية صغيرة ذات شعر أسود ووجه ترتسم عليه شبه ابتسامة.. بدت تلك الابتسامة لا تخص أحداً سوى "سحر".. ترتدي أثواباً بدت فيها آثار العناية.

- في نهاية الشتاء سيأتي العيد.. في العيد سأصنع لك ثوباً جديداً.. واكتسى وجه الصغيرة بموجة من الحزن.. ولكن يا رُبى لا يوجد لدي قماش جديد لأخيط لك الثوب.

- هل ستغضبين مني؟؟ لا أحب أن يأتي العيد.. لأنني أبكي فيه كثيراً.

- أتذكرين العيد الماضي؟.. لم يكن لدينا ما نرتديه.. فقط الملاءة الكبيرة استطعت أن ألتقطها من المهملات.. وصنعت لك ثوباً وجورباً.

- وعادت سحر إلى الابتسام من جديد.. هذه السنة يبدو أن السيدة الكبيرة ستغير بعض الأثاث.. سأحاول أن أصنع لك سريراً صغيراً بجوار سريري.. سيساعدني العم صالح في توفير بعض قطعه.

أحست الفتاة بلذعة الشتاء.. فارتعدت وضمت رُبى إلى صدرها وقامت إلى النافذة.. كان القمر مكتملاً.. أطفأت الشمعة توفيراً لها.. فقد تعودت أن ينتهي الشمع وتبقى أياماً في الظلام.

- أترين القمر يا رُبى.. يشبه العم صالح.. انظري إليه.. وأجلست رُبى على طرف النافذة.. وجهه يشع بالنور.. وأطفاله الصغار يجرون حوله.. وهناك في وجهه تجاعيد تماماً كما في وجه العم صالح.. ترى هل يشعر هو بالتعب أيضاً.

- دخلت وأغلقت النافذة.. وعادت تلاعب الدمية.. ثم عادت ومسحت الحزن عن وجهها البريء.. هل تناولت طعام العشاء؟ اليوم حرمتني السيدة من الغداء لأنني لم أنظف غرفة الجلوس كما ينبغي، وبختني كثيراً وقرصتني في أذني حتى آلمتني.. خشيت أن أبكي أمامها فتضاعف العقوبة.. ولكنها عادت فضاعفت كمية الخبز التي أتناولها في العشاء.. أعطتني خبزة كاملة.. بدت لي لطيفة هذا المساء.

- لقد بدأت تكبرين يا رُبى.. وستذهبين إلى المدرسة هذا الصيف.. ولأن أمك لا تعرف الطريق إلى المدرسة فسأقيم لك فصلاً خاصاً بك هنا.. وسأعلمك الحروف والكلمات.. عندها يمكنك أن تكلميني في الليالي المخيفة.

- أنا لن أذهب إلى المدرسة هذه السنة أيضاً.. سمعت السيدة الكبيرة تقول إن مصاريف المدرسة كثيرة.. كما أن المرض منتشر هناك.. ولكن لماذا لا يصيب المرض "رنا".. ربما لأنها سمينة يمكنها أن تتحمل. ولكن أنا ضعيفة. لا يهمني كل هذا.. لقد علمني العم صالح الحروف.. كما أنني أقضي ليلي معك تماماً كما تفعل رنا إذا ذهبت إلى المدرسة.

Pages