كتاب " أكواخ الظلام " ، تأليف عبدالله بن علي السعد ، والذي صدر عن
قراءة كتاب أكواخ الظلام
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
- رُبى.. أشعر بالجوع وتغيرت ملامح الصغيرة.. وانعكست في عينيها دمعة حاولت أن تقاومها.. وكذلك بدأت أشعر بالبرد.. وانطلقت الدمعة لتنحدر على خديها الباردين.. وضمت رُبى إلى صدرها بقوة.. لعلها أرادت أن تدفئ صدرها الصغير.. أو لعلها أرادت أن تدفئ رُبى.. وبدأت دموعها تسيل.
- اشتقت إلى أمي.. لقد قالت السيدة إنها ستعود لتأخذني معها.. قالت إن الأموات يأخذون الأطفال الكسالى.. أنا لست كسولة يا رُبى.. ولكني أريد أن أرى أمي.
- أنت سعيدة لأن أمك معك.. وابتسمت لها.. ومسحت الدموع عن عينيها.. اليوم سألني العم صالح عنك.. قلت له إنك تكبرين.. وابتسم لي.. قال إنك ستكونين جميلة مثلي.. رُبى.. ما معنى جميلة؟ وما الفرق بيني وبين رنا؟ هي تلبس دائماً أشياء ثمينة. وملابسها بدون رقع.. ولا يظهر شيء من جسمها من تلك الفتحات.. وهي لا تعرف المطبخ.. وتضربني.. إنها قاسية.
- اسمعي يا رُبى.. إذا ذهبت إلى أمي سآخذك معي.. ستحبك كثيراً.. أنت تشبهينني وأمي ستحبك كما تحبني.. العم صالح سيوصلني إليها.. لماذا من يذهب إلى الموت لا يعود.. فقط يذهبون ولا يرجعون.
- سأقول لأمي إنها تأخرت كثيراً.. وإنني بكيت كثيراً.. وارتجفت من البرد.. وآلمتني قدماي.. وإن السيدة العجوز كانت تضربني وتحبسني.
- لا.. لن أقول لها لأنها ستبكي من أجلي.. لا أريدها أن تبكي.. ولكن سأقول لها إنني كنت ألعب معك.. وبأني أملك ثوبين جميلين.. وإن العم صالح كان يعطيني قطعاً من اللحم الجاف لآكله مع الخبز. ستفرح كثيراً.
- قولي لي.. أتعرفين قصة التفاحة؟
- سأقصها عليك.. يقولون إن التفاح يتكلم.. ولكن نحن البشر لا نفهم لغته.. ولكنه مثل البشر يختلف في طباعه.. تماماً كما تختلف ألوانه.. هكذا قال العم صالح.. وقال أيضاً إنني من التفاح الجيد.
- هل تريدين النوم.. بدأت تبردين.. سأضعك في سريرك.. هذا سريرنا معاً وابتسمت في رقة.. واستلقت على السرير مع رُبى.. نظرت إليها في الظلام ووضعت إصبعها الصغير على أنف الدمية.. انتبهي من البرد.. هل رأيت المدفأة؟
- إنها تحمل الكثير من الحرارة.. أتمنى أن يكون عندي واحدة مثلها.. هنا كل شيء بارد.. حتى الأخشاب أشعر أنها باردة.. ولكن السيدة الكبيرة قالت إن المكان هنا جميل.. إذاً لا بد أن أقبل وأصمت.
- ضمت دميتها وابتسمت.. هيا نامي سأعمل كثيراً في الغد.. ولكن سأحاول أن أزورك في ساعات النهار.. ربما لا يمكنني الجلوس معك، ولكن يكفي أن أقبلك يا حبيبتي.
أشرقت الشمس على الغرفة العلوية.. ولم تتحرك الصغيرة.. ذلك أن الليل ولى آخذاً معه روح الصغيرة.. وبقيت معانقة دميتها لتحفر في قلوب الناس صورة من الظلم مقيتة.. أقبل النهار بدفئه، والصغيرة في ملكوت الله تحلق.. الموتى لا يرجعون، لأن الأخيار يجدون حياة طيبة.. وأنساً ونعيماً.