You are here

قراءة كتاب الفلسفة والنسوية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الفلسفة والنسوية

الفلسفة والنسوية

كتاب " الفلسفة والنسوية " ، تأليف كوكبة من الباحثين ، اشراف وتحرير د.

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 4

قد يتبادر إلى الذهن ماتجلبه صور تاريخ الفلسفة من عار نفي المرأة واستحقاقها من ارسطو ومروراً بعصور ابادة الانثوية (العصور القروسطية) وكيف صوّرتها بانها تلك الخطيئة التي لافداء قبالها، ولاخلاص منها!! لكن ونحن نستذكر تلك الوصمة من العار والالام والعذابات في قاموسنا الفلسفي، لابد وان نتذكر جيداً اهم مرحلة من مراحل تاريخ الفكر البشري والفلسفي وهو مرحلة الانارة والتعقل والمحاولات الجادة والحقة للخروج من قصورنا على اصعدة الفكر والسياسة والاخلاق: انه عصر التنوير؛ الذي يمثل بحق حقبة احياء الحق الانثوي، وذلك، أيضاً، مشفوعاً بالاثر الكوني للفلسفة، وفي شرع حقوق الانسان التي انتجها القرن الثامن عشر ومابعده، أو في تبيئة واعادة تأثيث الخطاب الفلسفي بكونه صورة للنـزعة الانسانية.

ولذلك فكتابنا: نص في نقد تلك الهرمية المتوهمة بين فرعي الجنس البشري، والدونية المصنَّعة للمرأة، والقسرية البايولوجية الزائفة؛ أي القسر المنتج لتفوق الذكر على الانثى بسبب تركيبه البايولوجي ليس الا. وكذلك سيسلط الضوء على تاريخ تحرر المرأة بوصفه موضوعاً فلسفياً، وتبريزاً لانجازها الفلسفي بمقولاته من الانطلوجيا إلى السياسة، وكذلك في الادب الفلسفي؛ وهذا الاخير هو السمة البارزة لنسويات كثر، ولاسيما في عالمنا العربـي، ولعلنا نسوغه بكونه محاولة لخرق أو كسر عالم المركزية الذكورية ومنطقيته المنحازة والصارمة (الصلبة- الخشنة) ولذلك نقرأ المنجز الادبـي بوصفه انبجاساً لنسق الفلسفة من الداخل. ويمكن ان اجمل مطالب الفلسفة النسوية في ثلاث محاور هي:

1. المراة بوصفها موضوعاً للقول الفلسفي التحرري.

2. المرأة بوصفها واضعاً للقول الفلسفي.

3. المرأة بوصفها واضعاً وموضوعاً للقول الفلسفي.

وفي هذه المطالب يتبين سياق البحث والاعتراف والامكان والتصنيف للفلسفة النسوية. فالاول ماتبين انفا في تقديمنا، في حركات التحرر النسوية المؤسسة على قيمة الانساني، والتي يمكن ضمها بمجملها تحت هذا المحور، ولايمكن ان نختزل النسوية بكونها كتلة صماء لاتفاوت فيها أو توجهات مذهبية تحكمها أو تجعلها اسا لانتاج مقولا كبيرا لتفسير ظلامة المرأة أو امكانية فعلها أو تمكينها لتحصيل حقوقها، فهنالك نسوية ماركسية رأت في القضاء على الطبقية مدخلاً لتبديل كل التصورات الذكروية البرجوازية نحو المرأة؛ وهنالك النسوية الراديكالية التي لم تجد في الطبقية محوراً كافياً لانجاز خطاب نقدي كافٍ بل في نقد كل النظام الابوي الرعوي ومايحتويه من اضعاف للمرأة ومضاعفة للرجل؛ وكذلك لايمكن انكار النسوية الليبرالية التي انطلقت من مقولة الحقوق الكونية أو المساواة بين افراد موضوع الحق منطلقا لتحقيق المطالب النسوية، والاخير هو الاقرب في شرعنة الكوني الفلسفي النسوي.

ونحن نعلم ان هنالك تحولا في مسار النسوية من نشاطات الخلاص من الظُلامات، إلى المطالبة بالحقوق الخاصة للمرأة، إلى فحص مقولات الاختلاف الحقوقي مع الذكور، إلى تحقيق المساواة والدفاع عنها. وكذلك التحول من حيز احتكار خطاب النسوية داخل حيز العالم الاول أو الابيض أو المركز إلى العالمية وتضمين النسويات الملونة والاتجاه الواضح والقافز على تناقضات بداياته نحو الكونية والعالمية.

والمطلب الثاني هو ماسيكشفه الكتاب في المحور الثاني منه مع النماذج المختارة، ابتداءً من المدخل التاريخي في سرد الاعلام النسوية من اليونان إلى نهاية العصور المظلمة، وتخصيصا بالنماذج المعاصرة من روزا لكسمبورغ إلى سيلا بن حبيب مرورا بكولونتاي وحنّه آرنت وديبفوار واريغاري وكرستيفا وهيتشون وغيرهن الكثير، في سبرهن اغوار عالم الفلسفة واقتحامه من اوسع ابوابه واخطرها واهمها، في اللغة والسياسة والابستيمولوجيا والجمال والاخلاق. وهذا المطلب هو مثال حي لماتناضل من اجله الفلسفة النسوية في نيل حق الاعتراف بل في نقد الذكروية المتطرفة في عقر دارها؛ أي في مركزيتها المهيمنة على انتاج النص الفلسفي.

نحن إذ نتكلم عن فيلسوفات معاصرات يعني هذا اننا ندلل ونستشهد بامثلة تطبيقية لاقتحامات ونجاحات الفكر النسوي في ان ينافس بل ويتجاوز كل مايمكن ان يخبئه التصنيف الهرمي لصانع الخطاب الفلسفي. لا يمكننا القول ان الكتاب قد عرض وتطرق بالذكر لكل الفيلسوفات على مر تاريخ الفلسفة، وانما حاولنا من خلال نماذج البحث والدراسة ان نقدم شواهد وان نعمل على ترسيخ الامكان الانثوي في التفلسف.

أما المطلب الثالث يدمج بين التحرر والحق النسوي من جهة وصناعة النص الفلسفي من جهة ثانية، وتلك حكاية اخرى سيحكيها هذا الكتاب عن الفيلسوفات المنافحات عن حق المرأة.

هكذا انتج نصنا بمعية مجموعة ونخبة من الباحثين العرب لتحقيق تلك الاهداف في التحرر والتحصيل للحقوق ومن ثم الدفاع عنها، لاسيما ونحن نمر باحوال خطرة عالميا وعربيا تتمثل في عودة للاصوليات الدينية المتطرفة والتي لاتقر بكل ماقلناه انفاً.

د. علي عبود المحمداوي

بغداد - 2012

Pages