كتاب " 52 قاعدة عملية للنجاح دون أن تخسر نفسك " ، تأليف ألان م. ويبر ، والذي صدر عن دار جبل عمان ناشرون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
You are here
قراءة كتاب 52 قاعدة عملية للنجاح دون أن تخسر نفسك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

52 قاعدة عملية للنجاح دون أن تخسر نفسك
القاعدة رقم ٤
لا تنفِّذِ الحلول. امنَعْ حدوثَ المشكلات
جميعنا مُهتمُّون بحلولٍ حقيقيَّةٍ قابلةٍ للتَّطبيق.
في مجال الأعمال، يركِّزُ القادةُ الواقعيُّون والحازمون على النتائج. وللتَّأكيد على هذه النقطة، حقَّقَ قادةُ الفكر في مجال الأعمال مثل لاري بوسيدي (Larry Bossidy)، وأيه. جي. لافلي (A.G. Lafley)، ورام شاران (Ram Charan) نجاحًا كبيرًا بخصوص الكُتُب التي تعلِّم المديرين كيف يركِّزون على التنفيذ. يبدو أنَّ وضْعَ الحلول مَوضِعَ التَّطبيق هو المكانُ الذي يجري فيه العمل.
لكنْ ماذا لو لم يكُنِ العملُ الحقيقيُّ متعلِّقًا بالحلول؟ إنَّ التركيزَ على الحلول يضيِّع نقطةً أساسيَّة: مَنْع المشكلات في المكانة الأولى. هناك فكرةٌ أهمُّ حتَّى من التنفيذ. إنَّها فكرةُ الاكتشاف المبكِّر والتدخُّل والوقاية. إنَّ قادةَ الأعمال الذين يتبنَّون تلك الفكرة يمكنهم أن يشيروا إلى أمورٍ هي حتَّى أفضل من التطبيق. يمكنُهم الإشارة إلى مدَّخَراتٍ ضخمةٍ ونتائجَ أفضل.
لقد تعلَّمْتُ هذا الدرسَ والفَضْلُ يعود إلى أحد القادة الأكثر إلهامًا الذين قابلتُهم، وهو بِل ستريكلاند (Bill Strickland). من پيتسبيرغ (Pittsburgh). قابلْتُ بِل منذ عشرة أعوام حول طاولة في مطبخ جاري الذي يسكُنُ بجانبي في بروكلين، ماساشوسيتس (Brookline, Massachusetts). في تلك الليلة، بعدَ أن روى بِل قصَّتَه، علمْتُ أمرَين: كان بِل سيغيِّرُ أشياءَ في أميركا، وأنا وبِل سنكون صديقَين مدى الحياة.
إليكم كيف شرحَ بِل الخِيار الذي علينا جميعًا القيام به.
ليس سرًّا أنَّنا في أميركا نَضَعُ الكثيرَ من الشباب في السجون. في الواقع، الولايات المتَّحدة هي الدَّولةُ التي تَضمُّ سجونُها أكبرَ عددٍ من الأشخاص. (هذا صحيح؛ إذ إنَّنا نحتلُّ المرتبة الأولى من حيثُ عددُ نُزَلاء السجون). يوجد اليومَ أكثر من ٢,٢ مليون أميركيٍّ وراء القضبان، أي أكثر من ١% من عدد البالغين. بصورةٍ تقريبيَّة، يُودَعُ السجنَ واحدٌ من بين ثمانيةٍ من السود بين سنِّ الخامسة والعشرين والتاسعة والعشرين. في ولاية پنسلڤانيا (Pennsylvania) حيثُ يقطُنُ بِل، يتَراوَحُ عددُ نزلاء السُّجون أكثرَ من خمسةٍ وأربعين ألفًا، وهذا العددُ يزدادُ سنويًّا منذ عام ١٩٧٦م.
افترض أنَّك تنظرُ إلى هذه المشكلة كما لو أنَّها تمامًا مشكلةٌ في مجال الأعمال. أنت تريدُ أن تعرفَ التَّكلفةَ التي يتحمَّلها دافعو الضرائب لإبقاء أولئك الشباب وراء القضبان. وتريد أن تعلَمَ إنْ كانت هذه العمليَّة تحقِّقُ هدفَها.
أنفَقَ دافعو الضرائب في پنسلڤانيا العام الماضي ١,٦ بليون دولار على عمليَّة إصلاح المساجين وتأهيلهم. ولأنَّ عددَ النزلاء في تَصاعُدٍ مستمرّ، طلبَ رئيسُ هيئة الإصلاح ٦٠٠ مليون دولارٍ كأموالٍ إضافيَّة من دافعي الضرائب لبِناء سجونٍ جديدة. مقابلَ ذلك المبلغ سيَحصلُ سكَّانُ پنسلڤانيا الصالحون... حسنًا، من الصعب أن نذكرَ الأمور التي سيَحصلون عليها. ربَّما على مُجرِمٍ أكثر قساوة يخرجُ من السجن في حالةٍ أسوأ من تلك التي دَخَلَ بها. ويحصلون على شابٍّ أسودَ ملآنٍ بالمرارة، يحوزُ سجلًّا إجراميًّا، وهو من دون مهارات، ولا يستطيع الحصول على عمل، ولديه فُرَصٌ قليلةٌ للمستَقبَل. إنَّهم يحصلون على نسبة انتكاسٍ تقارِبُ ٥٠%، ممَّا يَعني أنَّ نصفَ عدد السجناء يعودُ إلى السجن خلال ثلاث سنوات من إطلاق سراحهم. من الناحية الأخرى، يشعرُ سكَّان پنسلڤانيا بالفَخْر لأنَّ حكومتَهم تعمل بجدٍّ على إيجاد حلٍّ لمشكلة الجريمة. هذا هو التنفيذ بالنسبة إليك.
قارِنْ هذا الأسلوب بِبَرنامج بِل ستريكلاند في نِقابة المِهنيِّين في مانشِستَر في بيتسبرغ. خلال السنوات الأربعين الأخيرة كان بِل، وهو أميركيٌّ من أصول أفريقيَّة وقد حازَ جائزةَ ’’العبقريَّة‘‘ التي تقدِّمها مؤسَّسةُ ماك آرثر (MacArthur Foundation)، يقدِّم إلى طلَّابه فرصًا تعليميَّة حقيقيَّة، ومهاراتٍ تسويقيَّةً حقيقيَّة، واحترامَ الذَّات الحقيقيّ، بالإضافة إلى تقديمه مستقبلًا حقيقيًّا. يعمل بِل في مجال الأعمال التي تمنَحُ أملًا، وزبائنه من الشباب والشابَّات البيض والسود الذين قد يواجهون خِلافَ ذلك متاعبَ خطيرة.
لا توجَدُ كاشِفاتُ معادنَ في مدرسة بِل، ولا رجال شرطة لحفْظ النِّظام. لكنَّ هناك برنامجَ فنونٍ يتعلَّق بالطَّبخ يدرِّب الشباب للحصول على وظائف في أفضل المطابخ في أميركا، ويقدِّمُ أيضًا وجباتٍ على أعلى المستويات العالميَّة للطلَّاب الآخرين.
لا توجَدُ رسومٌ على الجدران؛ لكنَّ هناك لوحاتٍ وصُوَرًا وأعمالًا فنِّيَّةً معروضة، جميعها من عَمَلِ الطلَّاب.
حتَّى إنَّ هناك قاعةً للحفلات الموسيقيَّة فائقةَ الجمال. إنَّها مرفق عظيم، حتَّى إنَّ جميعَ موسيقيِّي الجاز السود تقريبًا في أميركا قدَّموا عروضَهم فيها. سجَّلَ فريقُ بِل هذه العروض وأطلقوا مجموعةً من الأقراص المدمجة، على أن تُخصَّص العائدات للمساعدة في تمويل المدرَسة. لكنَّ العائداتِ ليسَتْ ماليَّة فحسب، بل هي اعترافٌ وتقدير. قد يكونُ البرنامجُ التعليميُّ الذي يديرُه بِل هو البرنامجَ الوحيدَ في العالَم ضدَّ الفقر وضدَّ الجريمة الذي حاز أربعَ جوائزَ ’’غرامي‘‘ (Grammy).
تبلغُ تكلفةُ كلِّ طالبٍ في برنامج بِل ١٥٠٠ دولارٍ سنويًّا. ولدى البرنامج أيضًا معدَّلُ قبولٍ في الجامعة يقدَّر بنحو ٨٥% للمتخرِّجين في المدارس الثانويَّة.
لكنَّ السرَّ في مدرسة بِل ليس التكلفة، بَلِ السرُّ هو في المرحلة التي يتدخَّلُ فيها في حياة الشباب. إنَّ الأمرَ كلَّه يتوقَّفُ على الكشف المبكِّر والتدخُّل المبكِّر، بدلًا من إدخالهم السجون أو معالجة أخطائهم. إنَّ برنامجَ بِل يقدِّم الوقاية، وكما يقول المثل القديم’’ درهم وقاية خيرٌ من قِنْطار علاج‘‘.
ماذا بعد؟
برنامجُ بِل هو بالصِّدفة برنامجٌ لا يهدِفُ إلى الرِّبح ويقدِّم التعليم والتدريب والأمل.
لكنَّ القاعدةَ التي يمارِسُها تطبَّق على كلِّ أنواع الأعمال.
إنَّه المبدأُ الأساسيُّ الذي أدَّى إلى ظهور حركة الجودة الكاملة في الولايات المتَّحدة. لكنْ فقط بعدَ أن حقَّقَ اليابانيُّون أعمالًا أفضلَ في مجالاتِ الصناعة واحدًا تلو الآخر. كانَتِ الشركاتُ الأميركيَّة تحاولُ أن تفحصَ الجودة في نهاية خطِّ التَّجميع. كان بإمكانها القيام بالتَّنفيذ بصورةٍ غير معقولة بطُرق الفحص هذه واكتشاف خللٍ تلوَ آخر. كانَتْ لا تَزالُ ستَخسرُ أمام اليابانيِّين الذين كانوا يَحولونَ دون حدوثِ الخلل في المقام الأوَّل.
لماذا كان قادةُ الأعمال قادرين على تطبيق هذا المبدإِ في مجالٍ واحدٍ وهو الجودة الكاملة، لكنَّهم لم يستطيعوا أن يطبِّقوه في مجالاتٍ أخرى؟ (في ما يتعلَّقُ بهذا الأمر، لماذا لم نستطعْ أن نطبِّقَه في عددٍ كبيرٍ من مجالات السياسة العامَّة؟ نحن نعلَمُ أنَّ الوقايةَ والتدخُّلَ المبكِّرَ يطبَّقان في كلِّ المجالات، بدءًا من الرعاية الصحِّيَّة، إلى سياسة الطاقة، إلى التعليم العامّ، إلى المواصلات. لكنَّ هذه الأنظمةَ المُرسَّخة جيِّدًا تبدو غير قابلةٍ للتُّعامل معها بالرُّغم من وجودِ أدلَّةٍ اقتصاديَّةٍ واجتماعيَّة تُثبِتُ كم سيَكونُ أسلوبٌ آخرُ أكثرَ فاعليَّة وأقلَّ تكلفة).
ما زالَتِ الشركاتُ لا تطبِّقُ التدخُّلَ المبكِّر والوقايةَ المبكِّرة في مجالٍ أساسيٍّ مثل خدمة الزَّبائن. بعد أن تكونَ الشركةُ قد نفَّرَتْ زبائنها بسبب الخدمة السيِّئة والاهتمام السيِّئ والإعلاناتِ التِّجاريَّة التَّسويقيَّة المُهينة، تحاوِلُ عندئذٍ أن تعوِّضَ عن كلِّ هذا بتَقديم اعتذاراتٍ غيرِ صادقة.
في أعلى الشركاتِ الرئيسة، يحوِّلُ القادَة أنظارَهم بحكم العادة إلى الجهة الأخرى عندما يعلَمون أنَّ عليهم التَّعامُلَ مع مشكلةٍ خطيرة، آملين ألَّا تَظهرَ المشكلةُ خلال فترة عملهم. أو يضربونَ على الطَّاولة بقوَّة، فيما يُطالِبون بإصلاح المشكلة من دون الإقرار البتَّة بأنَّ عدمَ الانتباه إلى السبب الجذريِّ للمُشكلة إنَّما يزيدُ من تكلفة أيِّ حلّ، والذي غالبًا ما لا يكونُ حلًّا وإنَّما مُسكِّنًا فقط.
يمكنُ أن ينسبَ الأمرَ إلى الطبيعة البشريَّة: الإنكار، الأمل في مواجهة الأمل بأنَّ الأمرَ المحتَّم بطريقةٍ ما لن يَحدُث، على الأقلِّ حتَّى الآن.
لكنَّ هناك عنصرًا آخرَ للطبيعة البشريَّة، وكلُّ ما يتَطلَّبُه هو الممارسة: انظر إلى الواقع وجهًا لِوَجْه، وضَعْ تقييمًا صادقًا للطَّبيعة الحقيقيَّة للمشكلة. انظُرْ في الاتِّجاه المعاكس لتَرى أسبابَها الحقيقيَّة، ثُمَّ شَمِّر عن ساعدَيك وعالِجْها باكرًا بعمقٍ وفاعليَّة.
في النهاية، هذه الطريقةُ ليسَتْ فقط أقلَّ تكلفةً وأكثرَ فاعليَّة، بل هي أيضًا تمثِّلُ القيادةَ، وتمثِّلُ كذلك مهارةً ثمينةً جدًّا. إنَّها ذلك النوعُ من الموهبة الذي يفوز بجوائز مؤسَّسة ماك آرثر.
فقط اسألْ بِل ستريكلاند.