لقد قررت إعادة طباعة كتابي "التوحيد في تطوره التاريخي" التوحيد يمان وما كنت أعلم أن هذه التسمية ستصبح واقعاً بإرادة الله، وبعد ما أحدثه جلّ وعلا من متغيرات في وجداني في لحظات، وفي ليلة جليلة مباركة، صحوت على أثرها وأنا إنسان آخر، وكانت لدي الشجاعة الكافية ا
You are here
قراءة كتاب التوحيد في تطوره التاريخي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الدين
تعريف الدين:
الدين حسب تعريف بعض العلماء المثاليين: هو إيمان بكائنات روحية لها قوة فوق الطبيعة والبشر تؤثر في حياة الكون ذلك أنها تسيِّر الطبيعة كما تسيِّر حياة الإنسان.
ويعرفه آخرون بأنه شعور عند الفرد أو الجماعة تجاه قوة غيبية تفرض عليه طاعتها والتعبد لها والتقرب إليها كما هو عند المسلمين واليهود وقد رأوا فيه أهم الروابط والضوابط الأخلاقية للإنسان وهو أعمق وأوسع وأشد تعقيداً من أن نحضره في معنى إنساني معين.
أما علماء اللغة فيعرفونه على أنه العادة أو الشأن عند الإنسان وقد أوردوا للكلمة عدد من التعاريف فقالوا هو المذهب، والسيرة والعادة، والحال، القضاء، الملك، السلطان، الحساب.... إلخ.. ويوم الدين هو يوم الحساب والدينونة (1).
ولم يستطع العلماء الجزم في حدود الدين، فالدين في نظر الشعوب البدائية مفهوم يختلف عن مفهومه عند الشعوب والأقوام المتقدمة. ويختلف باختلاف وجهات النظر لكل شعب من هذه الشعوب تجاه الحياة، وقد تدخل أمور مادية كثيرة في حدود الدين عند أقوام في الوقت الذي يمكن أن تعد مجرد قضايا أخلاقية إنسانية عند أقوام آخرين.
وللدين عند مختلف الأقوام شعائر وطقوس يتمسك بها الأهلون تميزهم عن غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، ويظهر ذلك التمايز في طرائق العبادة والمأكولات والمشروبات الخاضعة للتحليل أو التحريم، ومن بناء المعابد والهياكل والصوامع.. وغيرها من العادات. ويرى بعض العلماء المستشرقين أن لفظة دين فارسية الأصل أعجمية المنبت... وأنها لفظ معرب استحدث في اللغة العربية قبل الإسلام حيث يعتقد البعض أن أصلها آرامية وتقرأ في اللغة أياها (دينو)، وهي بمعنى (الديان) بالعربية أي القاضي أو الحاكم وهي اسم من أسماء الله عند المسلمين.
أما في اللغة البابلية القديمة فإنها تعني "القضاء" وكما يبدو فإن هذا المعنى هو الصحيح للكلمة ويلمس ذلك من تصرفات المؤمنين تجاه الأديان فهم حين يتعبدون ويؤدون واجبات الطاعة فإنما يردون جزءاً من دين عليهم وهو وجودهم الإنساني في الحياة واستمراريتهم الحياتية بكل متطلباتها التي يعتقدون أن الله يوفرها لهم فيردون له جزءاً من هذا الدين بالطاعة والتعبد والتقوى.
وكتكملة لاستعراض مفهوم الكلمة في اللغات العربية القديمة من أرامية إلى بابلية ثم إلى عربية جنوبية فإنها كما وردت في النصوص الجنوبية مفهوم العادة والشأن وقد جاء في نص معيني وثمودي (بدين ودأمت) أي (سأموت على دين ود) و(ود) أكبر آلهة المعينيين عبد في معين وعند قبائل ثمود العربية وهي هنا تعني بالنسبة لمؤدي القسم أي "على نفس العادة أؤدي واجباتي الدينية تجاه الإله (ود)".