قصص قصيرة من وحي النضال الفلسطيني؛ فحق العودة إلى فلسطين حق مقدس لا تمحوه الأيام ولا يموت.
أنت هنا
قراءة كتاب غيض من فيض
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
قالت الجدة – أم محمد – الوصية وقدّمت الهدية وسلّمت روحها إلى باريها راضية مرضية.
ومرت الأيام...
ومحت الأحداث الجسام من ذاكرة عبد الرحيم همّ الخروف الظمآن. وجاءت أم سامي لابنها عبد الرحيم بهمٍّ جديد، وهو قرارها القاطع بالانتقال مع أولادها إلى الشام. وبعد نقاش طويل قالت أم سامي:
- عَ شان هيك إحْنا لازمْ نروّحْ لبيتْ خالكْ.
- يمّا ماحْنا عايْشيينْ هون ومبْسوطيْن، إيشْ بدْنا بالشامْ وصالحيةْ الشامْ؟!
- هيك رغبةْ خالكْ، نروّح لغادْ ونعْيش معاهْ. وآلْ الصالحية زيْها زي صفد آعْدهْ فوءْ جبل – جبل قاسيون – وآلْ هناك الشغل منيحْ وعايشيين بخيراتْ اللهْ وخيراتْ الشامْ.
- وأختي فاطمة مِنْسيبْها عند أخي سامي؟!
- لأَ يمّا... حَ نروَّحْ أنا وانتْ وفاطمهْْ. وخيّك سامي مارِضيشْ يروّح معانا مَرَتو زينب مإبْلتشْ تروّحْ معانا لأنو أبوها مريض.
- حَأها يمّا حأْها.
- وانت يا عبد الرحيم حَ تكون معنا : الرجال والأب والأخ.
- لعيونك يمّا وأنا رأبتي سدادة.
انتقلت أسرة أم سامي الصغيرة وسكنت مع أخيها خالد أبي مصطفى في صالحية الشام(1) ورفض عبد الرحيم أن يرضخ لرغبة خاله ويعمل معه في مشغله الصغير لمهنة الخياطة. وأراد أن يستقل بحياته ويثبت لأمّه ولخاله بأنه قد أضحى رجلاً يعتمد عليه وباستطاعته كسب قوت أسرته دون مساعدة من أحد.
كان عبد الرحيم في السابعة عشرة من عمره عندما اتفق مع صاحب معمل صغير للجوارب لتسويق إنتاجه وتوزيعه على المحلات التجارية مقابل نسبة متواضعة من المال. لذلك كان عبد الرحيم كثيراً ما يجد نفسه مضطراً أن يجوب سوق الحميدية جيئة وذهابا كي يبيع لزوّار السوق الكمية المتبقية من الجوارب التي عجز عن تسويقها إلى أصحاب الدكاكين. فكان ما يكسبه من المال القليل لا يتناسب مع الجهد الكبير الذي يبذله ولعل هذا السبب هو الذي جعل عبد الرحيم يعيش حالة من الضغط والتمرد واليأس والمجابهة ولا سيما مع خاله الذي يحاول دائماً فرض رأيه وسيطرته على الأسرة كلها بما فيهم ابن أخته المتمرد الذي كان يحن دائماً إلى الانفلات من هذه السيطرة، ويحنّ أكثر إلى الانطلاق والحرية والعودة إلى أرض الوطن.