أنت هنا

قراءة كتاب الرواية والمكان

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الرواية والمكان

الرواية والمكان

جمعت كتبي الثلاثة،" الرواية والمكان" الجزء الأول الذي صدرفي شباط عام 1980والجزء الثاني من "الرواية والمكان" الذي صدر مطبوعاً في مجلة آفاق عربية العدد الرابع - حزيران 1980، ثم طبع ضمن الموسوعة الصغيرة عام 1986 وكتاب" المكان في قصص الأطفال" الذي صدرعام 1986،

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
مقدمة الدراسة
 
اخترت في هذه الدراسة عنصراً واحداً من عناصر العمل الفني، إلا وهو المكان. تاركاً بقية العناصر التي جاءت الإشارة أليها الأخرى لأوقات مؤاتيه وأن ضمنّاً، وبالقدر الذي تتطلبه علاقة المكان بها.
 
فالمكان دون سواه يثير إحساساً بالمواطنة، وإحساساً آخر بالمحلية، حتى لتحسبه الكيان الذي لا يحدث شيء بدونه. فقد حملّه بعض الروائيين تاريخ بلادهم، ومطمح شخوصهم، فكان وكان: واقعاً ورمزاً تاريخياً قديماً وآخر معاصراً، شرائح وقطاعات، مدناً أو قرى: حقيقية، وأخرى مبنية في الخيال، كياناً تتلمسه وتراه، وكوناً مهجوراً أغرقته سديمات لا نهاية لها..
 
وفي روايتنا العراقية القليلة، مُثِّلَ العراقُ مكاناً حياً معاصراً تارة، ومطمحاً للإصلاح أو ميداناً للنضال تارة أخرى، وفي القليل من الروايات الجيدة تستطيع أن تؤشر إلى هذه المدينة أو تلك، وإلى هذه البقعة من الأرض أو من البشر .
 
وعندي يشكل المكان في الرواية. الأرضية التي تشد جزئيات العمل كله. فهو أن وضح وضح الزمن الروائي، وأن درس بعناية، فهمت الشخصية، وأن تناوله الروائي بصدق تاريخي وصدق فني، مكن عمله من أن يمتد في التاريخ. وأن فهم فهماً جاداً بعلائقه الأخرى، استنطق الكاتب أسلوباً .. وعكس ذلك لن يصبح المكان بين يدي كاتب قليل التجربة، ضعيف المخيلة، فاقد الإحساس بالأشياء جيد.
 
في دراستي هذه أحاول أن أرسم صورتين لعلاقة المكان بفن الرواية: الأولى -أفقية- أوضح فيها تاريخ تعامل الكتّاب مع أمكنتهم المحلية عبر أكثر من نصف قرن، والثانية- عمودية- أوضح فيها القيم الفنية التي يختزنها المكان للرواية. الصورتان لا تسيران متجانبتين، بل متداخلتان، مانحتين البحث هويته الخاصة.
 
وقبل البدء في الموضوع، أضع أمام القارئ والباحث مستقبلاً جملة أمور وتصورات واجهتني وأنا أبحث بأظافري الخاصة طريقاً لم أجد أية علامة دالة عليه. علني في إيضاحها أقدم بعض ما يشفع هفواتي، وضعف دراستي.
 
أحسب أن محاولتي هذه شبيهة بتلك المحاولات النقدية التي رافقت مسيرة الشعر الحر في العراق، محاولات بنت على تجارب قليلة تصورات كبيرة، وكان بعضها يمد بما عنده من شعر جيد قليل فيقارنه بما يقرؤه أو يسمعه من شعر عالمي ، وقدمت بذلك خدمة جليلة لتلك التجارب النامية القليلة، بأن اكتشفت لها مجالات غنية فأنبتت جذورها، ونشرت أشرعتها وسارت في محيط المجتمع مستفيدة من أحداثه، وتراثه، من حاضرة ومن ماضيه. فما كان من شأن تلك المقالات إلا أن أسهمت في بناء حركة الشعر ضمن تأكيدها على مبدأين أساسيين هما: الحرية والإبداع، حرية الشكل الشعري الجديد وحرية الإبداع فيه. المبدآن كانا صورتين لمعاناة الأديب الاجتماعية يوم ذاك.

الصفحات