إن هذا الكتاب يجيء في زمانه، وهو زمان النظام العالمي الجديد، الذي بات العالم فيه يموج بالصراعات، والأزمات الدولية، بين أحلام الاستحواذ والهيمنة، وطموحات السيطرة والتأثير، والبحث عن الزعامة في عالمٍ مُتغير، وفي عصر يُعاني وهنًا على وهن في النظام الدولي، وغمو
أنت هنا
قراءة كتاب إدارة الأزمات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
إدارة الأزمات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد
الصفحة رقم: 2
مُقـــــدَّمة
Introduction
أفرزت الممارسة العملية منذ القدم ما عُرف بإدارة الأزمات، إذ كانت مظهرًا من مظاهر تعامل الإنسان مع المواقف الحرجة التي يمر بها، بمسميات عديدة، وأنماط مختلفة، فتارة تحت مُسمّى الحِنكة في التعامل مع المواقف، وتارة الخبرة الدبلوماسية، وتارة ثالثة بكفاءة القيادة، ... إلخ.
وكانت هذه الممارسات والمواقف بمثابة الاختبار الحقيقي لقدرة هذا الإنسان على مواجهة الأزمات، وكيفية تعامله مع المواقف الحرجة التي تتمخض بتفجر طاقاته الإبداعية.
وغني عن البيان أن الجماعات الإنسانية اهتدت منذ وقت مبكر من تاريخها إلى أساليب أخرى غير الصراعات والتنافس، بما يكفل بقاءها، واستمرارها، وتطورها، وحيث كان سائدًا في المرحلة الأولى لنشأة الإنسانية مبدأ البقاء للأقوى، وقد أودى هذا المبدأ ببعض الجماعات المتصارعة على المراعي، ومصادر المياه، إلا أن الواقع المعيش آنذاك لم يدم، وصار الإنسان أكثر إيمانًا بمبدأ التعاون، والتعايش المشترك، واقتسام الموارد المتاحة، لما لذلك من دور في تخفيف حدة الصراعات التي من الممكن أن تعرّض الإنسانية لخطر الفناء.
وعليه فقد نشأ اصطلاح إدارة الأزمات، وكان منشؤه في الأصل من خلال علم الإدارة العامة، وذلك كإشارة إلى دور الدولة في مواجهة الكوارث المفاجئة، والظروف الطارئة، والحوادث الطبيعية، كالزلازل، والفيضانات، والحرائق، ...ثم الصراعات والنزاعات المسلحة، والحروب الشاملة.
ثم ما لبث أن نما وتطور، بصفته علمًا قائمًا بذاته، ولا سيّما في مجال العلاقات الدولية، للإشارة إلى أسلوب إدارة السياسة الخارجية للدولة، في مواجهة المواقف الدولية المتأزمة، وسرعان ما ازدهر في إطار علم الإدارة، كأسلوب جديد تبنته الأجهزة الحكومية، والمنظمات المحلية، والإقليمية، والعالمية، لإنجاز المهام المستعجلة، والضرورية، وكذلك حل المواقف الطارئة، وتخفيف حدة التوترات.
ومن خلال تحقيق تلك المهام، برزت إدارة المشروعات، أو فكرة غرف العمليات، والتي يراد من إقامتها إدارة المشاكل الحادة، والقضايا المُستعصية، وأصبح ذلك الأمر معروفًا بإدارة الأزمات، ومَثّلَ أحد فروع، أو آليات الإدارة، مثل الإدارة بالأهداف، أو الإدارة العلمية، ...
وبتبلور أسلوب إدارة الأزمات بدأت تتضح إمكانية تحويل هذا الأسلوب، أو العلم إلى نمط متكامل، لمعالجة المواقف، المتمثلة في الأزمات، والمشاكل الصعبة، ليصبح بذلك نمطًا إداريًا محدد الخصائص، له ذاتيته، وله آلياته الخاصة، لمواجهة الأزمات المتعددة، والمتتالية، والمتزامنة منها.
وفي هذا الإطار بدأ يتنامى اهتمام المتخصصين، وعلماء الإدارة، والساسة أيضًا بفن إدارة الأزمات في عصرنا الحاضر، الذي أصبح يتسم بظاهرة المأسسة، والبناء المؤسساتي، حيث تُبنى السياسات العامة للنظم السياسية المعاصرة، على الحفاظ على استمرار سيادة الدولة، وضمان هُويتها، وأمنها القومي.
أضف إلى ذلك أنه بدأ يوجد دور أساسي للسياسات التنموية، في التخطيط الإستراتيجي، والتطوير الإداري، لتأصيل سبل النمو والرفاهية، ويكمل ذلك الدور السياسات العامة، المتعلقة بالتوجهات المستقبلية، واستقراء الأزمات المحتملة، إضافة إلى استنتاج التحديات التي قد تفرضها الأزمة، وسواء كانت تحديات سياسية، أو إدارية.