إن هذا الكتاب يجيء في زمانه، وهو زمان النظام العالمي الجديد، الذي بات العالم فيه يموج بالصراعات، والأزمات الدولية، بين أحلام الاستحواذ والهيمنة، وطموحات السيطرة والتأثير، والبحث عن الزعامة في عالمٍ مُتغير، وفي عصر يُعاني وهنًا على وهن في النظام الدولي، وغمو
أنت هنا
قراءة كتاب إدارة الأزمات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
إدارة الأزمات الدولية في ظل النظام العالمي الجديد
الصفحة رقم: 6
(أ) التعريف اللّغوي للأزمة:
A. The Linguistic Definition of the Crises
لكلمة الأزمة جذور قديمة، حيث تعود أصول استخدام هذه الكلمة إلى علم الطب الإغريقي القديم، ودلالتها آنذاك كانت تستخدم في الإشارة إلى وجود نقطة تحوّل مهمة، ووجود لحظة مصيرية في تطور مرضٍ ما، ويترتب على هذه النقطة المفصلية (الأزمة)، إما شفاء المريض في مدة قصيرة، أو موته(2).
وقد كثر استخدام كلمة (أزمة) في القرن السادس عشر الميلادي، في المعاجم الطبية، ثم تطورت استخدامات هذه الكلمة في القرن السابع عشر، لتعني ارتفاع درجة التوتر في العلاقات بين الكنيسة والدولة، وتم استخدام هذه الكلمة في القرن التاسع عشر للإشارة إلى بروز مشكلات كبيرة وخطيرة، وللإشارة إلى لحظات، وحالات تحوّل فاصلة في العلاقات الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية.
كما تم استخدام كلمة، أو مفردة أزمة في بحوث علماء الطب النفسي، للدلالة على الانعكاسات النفسية الحادة على الفرد وسلوكه، وعلى الجماعة، وللإشارة أيضًا إلى أزمة الهُويّة(3).
وفي قواميس ومعاجم لغة الضاد، نجد أن الأزمة تعني، الشدة والقحط، و(أزم) عن الشيء أمسك عنه، وفي الأثر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سأل الحارث بن كلده الدواء فقال: (الأزم)، يعني الحميه، وكان طبيب العرب، والمأزم المضيق، وكل طريق ضيّق بين جبلين مأزم، وموضع الحرب أيضًا مأزم، ومنه سُمّي الموضع الذي بين المشعر، وبين عرفة مأزمين(4).
وفي القواميس العربية المتخصصة، في السياسة، أو الاقتصاد، أو الاجتماع، ... فتعرف الأزمة بأنها: (نقطة تحوّل، وحالة متوترة للانتقال)، و(وضع أو فترة حرجة، وخطرة، وهي حالة علمية تطوّرية، يحدث فيها انفصام توازن يعلن الانتقال الحتمي تقريبًا إلى حالة أخرى)(5).
ومن مجمل ما تقدم يتبين لنا أن الأزمة في معاجم اللغة العربية، تعني القحط والشدة، وهي تشير إلى حالة طارئة، وموقف استثنائي مغاير، ومخالف لمجريات الأمور الاعتيادية.
ولم تكن كلمة أزمة شائعة الاستخدام في الأدبيات العربية القديمة، وقد التفت إليها الباحثون العرب بصورة بارزة لتكون ترجمة مباشرة للكلمة الإنجليزية (Crisis)، والتي تعني وفقًا لقاموس هيريتج (Heritage):
أ. حالة خطيرة وحاسمة، أو نقطة تحوّل.
ب. أوضاع غير مستقرة في الشؤون السياسية، أو الاقتصادية، أو العالمية، والتي يوشك أن يحدث فيها تغيير حاسم.
ج. تغيير فجائي في مرض مزمن، إما للتحسن، أو للتدهور(6).
ولذا فإن الأزمة في معاجم اللغة الإنجليزية هي نقطة تحوّل في المرض، أو في تطور الحياة، أو في التاريخ، وهي نقطة تحوّل تتصف بالصعوبة، والقلق من المستقبل، وتتطلب اتخاذ القرار المناسب خلال مدة زمنية محددة.
أما في معاجم اللغة الفرنسية فللأزمة معانٍ عدة، أهمها: النزاع، التوتر، النوبة، الفقر، الفاقة(7).