أنت هنا

قراءة كتاب إنهيارات رقيقة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
إنهيارات رقيقة

إنهيارات رقيقة

كتاب "إنهيارات رقيقة" للصحفي والكاتب الفلسطيني هشام نفاع، هو بأكورة أعماله الأدبية الصادرة عن دار "راية للنشر والتوزيع" في مدينة حيفا، هو كتاب يحوي تساؤلات يكثر فيها العمق والبعد الفلسفي من خلال "جداد" ربما يكون حقيقًا وربما وهميًا. 

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
جدّاد يعود الى عامه التاسع
 
لم يتأكـّد جدّاد ولم ينفِ حتى لحظته العصيبة الراهنة وجود كائنات فوق طبيعية. قرأ هنا وهناك كتبًا رقيقة الغلاف قليلة الصفحات وسيئة الطباعة، ومجلات مقصّفة الصفحات وجدها في مكتبة المدرسة ثم الجامعة، شاهد أربعة - خمسة أفلام ملؤها الرصاص والنار بين أهل الأرض وبين روّادها من الفضاء / أو بين روّاد الفضاء من أهل الأرض الذين اقتحموا كواكب على هوامش الفراغ السحيق فوقنا وتحتنا، وبين عربات قادتها مخلوقات مضحكة ومخيفة معًا . ولكن رغم هذه الثقافة المتواضعة عن مخلوقات الفضاء فإن أبو الجدّ (الذي هو جدّاد بكنيته الشعبية في الحارة) لم يحدّد موقفـًا جديرًا بالتسجيل أو الإعتماد النظري أو باكتساب صفة المرجعية العلمية حول وجود كائنات من عوالم أخرى. لذلك فمن الصعب الدخول عميقـًا في ثنايا دهشته والإعلان بشكل متسرّع عديم المسؤولية أنه مرّ بخاطره كذا أو مذا.
 
فالمسألة ظلـّت غائمة بل شاحبة شحوبَ ما ملأه من قشعريرة باردة فارت بها غدد وغرائز خوفه التي فاقت أعتى ما تخزّن في ذاكرته مما مرّ عليه حين كان لا يزال في التاسعة من عمره.
 
يلاّ.. Flashback..
 
يومها كان قد عاد حوالي الساعة التاسعة ليلا من بيت جدّه (وجدّته أيضًا، لو فضّلنا اللغة المبدئية أو المغسولة على حقيقة الواقع الملطـّخ). على يمينه ربض جرّار زراعي أحمر اللون طالما رآه (والأدقّ، طالما سمعه) يمخر عباب شوارع الحارة المحفـّرة. في تلك الليلة قليلة الكرم الكهربائي ومحدودة الأنوار، مشى وهو يفكـّر برحلة الغد المدرسيّة. الرحلة السنوية المشتهاة التي تكون الزوّاده فيها تحوي كل الضروريّات.. فإضافة لساندويشات اللبنة والخيار مقطوم الطرفين وكيس البزر المحمـّص بيتيـًا، هناك أكياس التسالي المشتراة من الدّكان التي طالما أطربته خشخشة فتحها. لطالما تساءل: غريب أمر طلاب صفي، لماذا كانوا يسارعون الى الهجوم على أكياس التسالي فور انطلاق الباص وحتى قبل أن يغادر شوارع القرية! لكن العرصات عرفوا دومًا أنه يجب التخلص من الحمل الثقيل، لأن في الجيب مصروفًا يجب صرفه خلال النهار. ويقولون لك براءة الأطفال!

الصفحات