أنت هنا

قراءة كتاب هكذا أتشبه بالشجر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هكذا أتشبه بالشجر

هكذا أتشبه بالشجر

كتاب "هكذا أتشبه بالحجر" للكاتب الجولاني السوري نضال الشوفي؛ يضم قصصُا يستوحيها الكاتب والقاص ما أِشبه بالمراحل ما قبل وبعد، فيقول في مقدمة قصته الأولى التي حملت عنوان الكتاب: "لا أعرف شيئا عن «ماكس أوب»، حيا كان أو ميتا، كاتبا أو شاعرا أو شيئا غير ذلك، كهل

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 6
سألتني ووجهك يخلع عنه تلك البسمة المقيمة أبدا في محجريه:
 
_ أيلتبس عليك الدرب إلي أيضا؟! أم أنك ترى بي عصا العاجز التي لا توصل أبعد من الباب؟!
 
ثم خرجت المرة من دون وعيد، وصدى العبارة يرن في أذني، والحيرة تناوشني ثم تنهشني. أذكر بعد تلك الساعة كيف كان الوقت يتلهى بتزجية أيامي الطويلة، وغيابك قد طال تلك المرة، انقضى يومان ولم يعزف النعل الرفيع إيقاعه الرتيب فوق الدرج، انقضى الثالث والنظر لا يستقر طويلا على الكأس الفارغة أو على مقبض الباب البليد، دخلت في الرابع متاهة التغرب وصارت اللوحة مستقرا جديدا لزوغان البصر. أعدت سماع أغنية مرات ومرات ولم تمتط سمعي عبارة واحدة. أحسست شراييني تضيق، وأنفاسي تضيق، والجدران تطبق علي.
 
ولأول مرة منذ أيام شعرت بالشفة الرخية تلطم الأخرى، وسمعتني أقول لي:
 
_ لن أمشي بعد اليوم دربا إلا إليك، لن أمشي بعد اليوم دربا إلا معك.
 
وتناهى إلى سمعي ضجيج في الخارج يقترب شيئا فشيئا، وميزت هتافات وأهازيج تتغنى بالحرية.
 
وثنيّت الحكم هسيسا تلك المرة:
 
_ لن أمشي بعد اليوم دربا إلا إليك، لن أمشي بعد اليوم دربا إلا معك.
 
وقفزت من مقعدي متجها إلى الباب بعد أن اجتاحتني الرغبة أن أصفقه ورائي بكل ما تبقى لي من العزم، وأنطلق بعدها كريح تتهيأ للعصف بالحشد بحثا عنك، لكني ما إن أدرت مقبض الباب وجذبته نحوي حتى تجمدت أوصالي، وبدأ جسدي يرتج على إيقاع النبض واللهاث.
 
كنت واقفة هناك بجلال الملكات. قال صمتك كل ما انتظرت سماعه. مددت يدك إلي بدعة، والعينان المبتهجتان تدعواني للخروج. في تلك اللحظة الخاطفة أشرق وجهي بابتسامة كدت أنساها، أسلمتك راحة يدي وروحي وناظري، وصعدت برفقتك الدرج.. أتصدقيني الآن لو قلت إني في تلك اللحظة كنت بدأت حقا أستعيد طفولة مسها الحلم؟! كان تصرفي وليد اللحظة، لم أخطط أبدأ لأستوقفك عند مدخل العمارة وأعود إلى الدرج لأهبطه قفزا على ساق واحدة. كانت عيناك الذاهلتان تتبعاني بفضول حتى اختل توازني وسقطت على ظهري وتدحرجت إلى الأسفل، وقد غيبت شدة الألم عن سمعي نبرة صوتك المفجوع.
 
الآن لا أحسب الزمن الذي مر على ذاك الحادث الذي أقعدني.
 
مهما يكن، قد مر زمن طويل وأنا أشعر بوطأة العجز والحاجة أن تكوني متكأي. أزجي الوقت بالنظر إليك وأنت تلوبين حولي، وبإلقاء قصائد ممجوجة كنت أكتبها لك وحدك، لكني مؤكدا لم أجرؤ على ذاك السؤال قط:
 
ما الذي يدفعك إلى عشق رجل يكبرك عشرين عاما؟

الصفحات