كتاب "حقق الخير في ذاتك" لمؤلفته شيري أريسون هو امتداد طبيعيّ لكتابها الرائج على الصعيد العالميّ تصف شيري من خلاله تجاربها الاستثنائيّة وكيفيّة دمج قوّة عمل الخير في كلّ مفاهيم حياتها وعملها.
أنت هنا
قراءة كتاب حقق الخير في ذاتك
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
المقدمة
رغبتي الشديدة في عمل الخير
اسمي شيري أريسون. كانت في قلبي دومًا رغبة شديدة في إعطاء إلهام لعمل الأعمال الخيريّة. كيف وصلت إلى هذا الإدراك؟ عندما أفكر في ذلك، فقد كانت هذه في الحقيقة طريقًا طويلة وصعبة.
لقد ولدت في أمريكا من أب إسرائيلي وأمّ رومانية. وكانت أمّي تردّد دومًا بأنّها تكره الولايات المتحدة، ولذلك فقد وجدت صعوبة في الشعور بأنّها تحبني نظرًا لأنّني كنت أمريكيّة.
كانت طفولتي في نيويورك تبدو كمشهد من فيلم «المساعدة»، الذي يتناول حياة المساعدات الافرو أمريكيّات في جنوب الولايات المتحدة في بداية ستينيات القرن العشرين. على الرغم من أن والديّ تعاملا مع مديرة التدبير المنزليّ لدينا، ميري، بحبّ واحترام، وكانا يتواجدان طوال ساعات اليوم خارج البيت، في العمل، وهكذا فقد كانت ميري، بالتالي، هي التي ربتني.
عندما بلغتُ التاسعة انتقلنا للإقامة في ولاية ميامي بدون أن نصطحب ميري معنا، فكانت هذه صدمة حادّة بالنسبة لي. وتعرّضت عندها لصدمة أخرى لا يتصوّرها العقل: فقد أعلن والداي عن طلاقهما، وقرّرت أمّي الانتقال إلى إسرائيل، غير أنّ أبي بقي في الولايات المتحدة ليحاول تحقيق الحلم الأمريكيّ – المال والنّجاح. بينما شعرت أنا منذ سنّ مبكرة بأنّ هناك شيئًا يتعدّى الواقع الراهن، بأنّ هناك رابطًا عميقًا مع أمر أكثر جوهريّة وسموًّا، وسألت نفسي ما هو هذا الأمر؟
لقد تغيّرت حياتي في هذه الفترة رأسًا على عقب، حيث وجدت نفسي في دوامة من رحلات متكرّرة ذهابًا وإيابًا من أمريكا إلى إسرائيل وبالعكس إذ كنت أطير وحدي وأقطع مسافات هائلة في رحلات جويّة طويلة، وحتى كنت أبدّل طائرات في الطريق حين كانت حاجة للقيام بذلك. حاوِلوا أنتم أن تتصوروا ما هي المشاعر التي تحس بها طفلة صغيرة تقطع هذه المسافات الطويلة لوحدها. وأذكر أنني في إحدى المرات ضعت في مطار امستردام، وكانت هذه تجربة مرعبة بالنسبة لي.
اشكر الرب على أن ميري كانت تلتقي بي في مطار نيويورك، ففي كلّ مرّة كنت أحضر فيها كانت تأتي لاستقبالي، وتهتم بأن لا أضيع في نقاط العبور وفي متاهات التفتيش الأمني في طريقي بين الرحلات الجوية المختلفة، وهكذا فقد بقيت ميري حتّى يوم وفاتها صديقة حميمة لي ولأولادي، وسوف أحفظ هذه العلاقة في قلبي إلى الأبد.
لقد عشت ممزقة بين عالمين –إسرائيل وأمريكا – وجعلني هذا الواقع أواجه تحدّيات هائلة. تعلمت في مدارس كثيرة وكنت مضطرة في كلّ مرّة لإنشاء صداقات جديدة. في أمريكا ضايقوني لأنّني كنت إسرائيلية أكثر من اللازم، وفي إسرائيل ضايقوني لأنّني كنت أمريكيّة للغاية، مع العلم أنّ إسرائيل وأمريكا كانتا عالمين مختلفين في تلك الفترة.
في كلّ بيت في الولايات المتحدة كان هناك هاتف وتلفزيون، لكن الناس في إسرائيل كانوا ينتظرون طوال سبع سنوات للحصول على خط هاتف، وكان التلفزيون تجديدًا كبيرًا أصلا. في كلّ حيّ كان في حينه جهاز تلفزيون أسود وأبيض واحد وأقصى حدّ كان هناك جهازان. وكان الجميع يتجمعون حولهما لمشاهدة البث. وكانت المعايير الاجتماعيّة في حينه مختلفة تمامًا. لذا شعرت أحيانًا بأنّني منقطعة، غير منتمية. شعرت بأن العالم صعب وبارد، وبأنني وصلت إلى الكوكب غير الصحيح بلا شكّ.
عندما كبرت تواصلت رحلتي مع النجاحات والإخفاقات التي تميّز حياة غالبيّة الناس. يظنّ كثيرون اليوم أنّني نشأت في بيئة من كماليّات وغنى، لكن الواقع كان مغايرًا تمامًا، فقد أعلن والدي إفلاسه عدّة مرات ولم يتمكن من عمل ثروته إلا بعد سنوات من شظف العيش. بما أنّه كان رجلا صاحب حلم ليحققه ولم يستسلم، فقد قرع النجاح بابه عندما أقام شركة الإبحار «كرنيفال كروز» (Carnival Cruise Lines). صحيح أنّ السفن كانت جزءًا من حياتي منذ انتقلنا للإقامة في ولاية ميامي، لكن عندما حققت الشركة نجاحًا باهرًا وتحوّلت إلى شركة عامّة كنتُ قد بلغت سنوات العشرين من عمري.
بعد سنوات طويلة من السفر ذهابًا وإيابًا، بما في ذلك الخدمة في جيش الدفاع، سكنْتُ في ميامي طوال 16 عامًا، ارتبطت خلالها بزوجي الأوّل وأنجبْتُ في الولايات المتحدة ثلاثة من أطفالي الأربعة. بعد سنوات طويلة من ممارسة الأمومة بوظيفة كاملة أقمْتُ صندوقنا العائليّ – «صندوق أريسون» – وتمّ اختياري لأشغل عضويّة مجلس الإدارة في شركة «كرنيفال». غير أنّ الطلاق الذي ترك لدي مشاعر الحزن بالإضافة إلى قلق لا يتوقف شعرت به خلال حرب الخليج تجاه أعزائي في إسرائيل – أمي، خالاتي، أخوالي وأولادهم وأصدقائي كان يعني بشكل قاطع أنّ المكان الذي أريد أن أكون فيه، المكان الذي أريد أن أكون متواصلة معه أكثر من أيّ شيء آخر هو إسرائيل.