كتاب "الانطلاق من الصفر"، يتناول هذا الكتاب قصة رجل ولد فقيرًا في جزيرة توكونوشيما أصغر جزر اليابان الجنوبية وأكثرها تحديًا وكفاح، عمل وناضل وتحدى ورهن حياته ليحقق حلمه في بناء اكبر مجموعة طبية في العالم مبتدأ من الصفر، لقد صمم وهو في سنته العاشرة أن يكون ط
أنت هنا
قراءة كتاب الإنطلاق من الصفر
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 9
الإصابة بالمرض كانت أكثر الأمور رعبًا :
ولأن أوضاع الجزيرة كانت كما شرحت الآن فقد كانت الأمور التي تبعث القلق لدى أهالي الجزيرة هي خشية الإصابة بالمرض، حتى في حالات الولادة فكانت تحدث الكثير من حالات الوفاة بين الأمهات، وكذلك بين المواليد الصغار، بالطبع لم تكن هناك مستشفيات تفي بالغرض في تلك المنطقة النائية، لكن ما أذكره أنه كان هناك رجل يقوم بمباشرة أعمال الطب والعلاج بالجزيرة حيث كان جنديًا بالفرقة الطبية بالجيش الياباني أثناء حرب المحيط الهادي، يساعد الأطباء العسكريين، وقد عاد إلى جزيرة توكونوشيما مسقط رأسه بعد انتهاء الحرب، كذلك هناك طبيبان عسكريان عادا من جبهة القتال بعد الحرب وافتتح كل منهما عيادة صغيرة بالجزيرة.
حتى تلك العيادات التي لا يمكن وصفها بالمعنى المعروف بهذه الكلمة فقد كان أهالي الجزيرة يصعب عليهم الذهاب إليها، وحتى كنت بالصف الخامس بالمرحلة الابتدائية لم يكن أحد يذهب إلى الطبيب حتى لو أصيب بمرض، وحتى إن حدث، فقد كان العكس هو الصحيح أي أن الطبيب كان يقوم بزيارته في المنزل، وهذه الحالات هي الحالات المتأخرة حيث يكون المريض قاب قوسين أو أدنى من الموت، حيث يضطر أهل المريض إلى عرضه على الطبيب.
وعندما كنت في المرحلة الابتدائية، أصابتني نزلة برد وارتفعت حرارتي ورقدت في الفراش كان أقصى ما يفعله أهلي هو إعطائي بيضةً لأكلها، كان هذا هو الدواء الأوحد، ولأنني في الأوقات العادية لم أكن أحلم أبدًا بأن أضع البيض في فمي أو أذق طعمه، فقد كانت تسليتي الكبيرة أثناء المرض هي الحصول على تلك البيضة، حتى لو استدعى أهل الجزيرة الطبيب فلم يكن لديهم المال الكافي لدفع قيمة الكشف المنزلي، وقتها كان الإنتاج الأوحد لجزيرة توكونوشيما هو قصب السكر، ولكن لأن الجيش الأمريكي كان يشرف على زراعته، فحتى بعد صناعة السكر الأسمر لم يكن أهل الجزيرة يجدون سبيلاً لتسويقه وبيعه، وفي نفس تلك الحقبة الزمنية كانت جزر اليابان الأم تعاني نقصًا في السكر، فكان يستعاض هناك بالسكرين والچيلاتين من المواد المصنعة بديلاً عن السكر الطبيعي، فلو كان أهالي الجزيرة يستطيعون الذهاب وقتها إلى جزر اليابان الأم لربحوا كثيرًا من تجارة السكر.
كان أبي في فترة الشباب قد خرج من الجزيرة إلى منطقة «كنساي» الصناعية التجارية بغرب اليابان الأم فكان عليمًا بالأحوال هناك، فكان يقوم في الخفاء بتجارة السكر في السوق السوداء، حيث كان يقوم بصناعة السكر وكذلك الحصول على البعض الآخر منه من المنازل الأخرى ثم يقوم بتجميع ذلك السكر، ثم بتأجير قارب بخاري ليبحر في ظلام الليل متجهًا نحو ميناء «كاجوشيما» ليبيع السكر هناك، كان السكر يُصادر منه إذا تم القبض عليه، أما إذا استطاع الإفلات بحمولته فكان مكسبه ثلاثة أضعاف ما تكلفه في صناعة وجمع ونقل السكر، وكان أحيانًا ينجح في الإفلات من مناطق وأمكنة التفتيش وأحيانًا أخرى كان يقع في الأسر، حين كان ينجح كان يبيع السكر في محافظة «كاجوشيما» ثم يشتري لنا الخنازير، ولذلك كانت الحديقة تعج بالخنازير بمعنى الكلمة.
وأحيانًا كان يحدث أثناء عودته بالقارب البخاري وهو يحمل الخنازير معه أن يقوم خفر السواحل بمطاردته، فكان يضطر إلى إلقاء الخنازير في البحر، أما الخنازير المسكينة التي كانت تلقى إلى البحر فكانت تصارع الأمواج لبعض الوقت ثم تستسلم للغرق بعد أن تخور قواها، ولكن أحيانًا كان البعض منها يستطيع الوصول إلى الشاطيء سالمًا بعد سباحة طويلة فكنت أحيانًا أسمع حكايات عن دهشة أهالي الجزيرة حين يعلمون بأن خنزيرًا قد وصل إلى الشاطئ سباحةً من ناحية البحر.