رواية "زقنموت" للكاتب العراقي تحسين كرمياني، هي روايته السادسة التي تحمل عنوانا غريبا بعض الشيء وهو «زقنموت»، لكن هذه الغرابة سرعان ما تتلاشى حينما نتوغل في تضاعيف النص، ونسبر أغواره العميقة التي تعود بنا إلى زمن الديكتاتور وحروبه العبثية التي كان يشنّها عل
أنت هنا
قراءة كتاب زقنموت
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
أسير حلماً ظلّ يمشي
جلس على حافة جبل يطل على وادي (العاقول)، ماء مطر متراكم، طيور تصعد وتهبط متلبسة بأوهام السمك، تخترق الماء وتخرج، ظلّت تلعب أو تتوهم بأن ما تلحظه في طيرانها أسماك ماكرة يتعذر خداعها·
في تلك النزهة تطايرت أوراق قديمة، بدأت تتكشف من بين ذرات التراب، جبل ليس بغريب على ذاكرته، ممر قديم يخترقه، يقول كتاب التأريخ إن رجال (القادسية الأولى) مرّوا فيه لملاقاة (الفرس) في واقعة (حلوان)، لسحق آخر فلول بني (ساسان)، عبق حوادث حصلت في أزمنة سحيقة، صليل سيوف وسنابك خيول وأنهر دم ودسائس ومكائد فوق العادة، فقرات دخلت ذهنه يوم قادهم مدرس مادة التأريخ ليقفوا على الممر ويشرح لهم كيف مر الرجال ركباناً وراجلين، عابرين الفراسخ الوعرة وشاقين المتاهات الحافلة بالوديان للقضاء على آخر الفلول المتحصنة حول نهر (الوند)، كونه ممراً حيوياً وموقعاً استراتيجياً يتخوصر دولة خيرات وموارد أبدية·
فكره تشبع بالوقائع ومن يومها ظلّ يخرج باكراً للجلوس على حافة الجبل المطل على ممر النصر، يجلس ساعات، فكره يطفر واقعه، ليسقط في أزبال الضجيج والكوابيس·
رسم (مها) يحاول قفل كل الماضي·
ضجيج التأريخ من أعماقه غاضباً يبارز سطوة (مها)·
الحب والتاريخ عالمان متشامخان· (قال لسانه)
الحب يقرّب الأشياء، جاذبية تلغي كل عارض يصد ما بين قطبين، متنافرين أو متماثلين، الحب مغناطيس البشرية، مذ خلع الله ضلع آدم وحوله لنصفه الممتع·
فكرة تلح عليه، أنسب ما وجده، تسميـــة الأشيـــاء المتجاذبــة بـ ميسم الحب، الرغبة المشتعلة ما بين الأرض والسماء، مطر، المطر دموع الحبيب/السماء على خدود الحبيبة/الأرض، الحب ما بين سماء رحيمة وأرض الضواري والوحوش·