أنت هنا

قراءة كتاب مذكرات حاوية مخلفات

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مذكرات حاوية مخلفات

مذكرات حاوية مخلفات

أنا حاوية مخلفات (أجلكم الله) بأسماء متعددة· البعض يطلق عليّ حاوية قمامة· البعض الآخر يفضل اسم حاوية الفضلات· هناك من اختار لي اسم .برميل الزبالة.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
الصفحة رقم: 2
بعبارة أدق تمنيت لو أني في اليابان، حيث لكل حاوية لون معين، وكل لون مخصص لمخلفات معينة، أو لو كنت في البلاد الاسكندنافية، حيث لا يرمي الناس فضلاتهم في حاويات المخلفات إلا في ساعات محددة، منعا من إزعاجها وإيقاظها من سباتها أو قيلولتها، وحيث درجات الحرارة متدنية فلا يتعفن ما بداخلها، أو لو كنت في سنغافورة، حيث تعاقب القوانين الصارمة كل من يسيء استخدام حاويات المخلفات في غير أغراضها المعروفة، وكل من يبصق في وجهها أو يركلها أو يصطدم بها بمركبته·
 
كان وصولي إلى البحرين في منتصف التسعينات من القرن العشرين، حينما قررت الحكومة وضع حاويات صلبة جديدة في أماكن التجمعات السكنية المتفرقة، وتعاقدت لهذا الغرض مع شركة أجنبية متخصصة، كان من مهامها أيضا إفراغ الحاويات يوميا مما يتراكم فيها، ونقلها إلى ورشة خاصة أسبوعيا أو شهريا أو سنويا - بحسب الحاجة - من أجل تنظفيها وتعقيمها بسوائل عالية الكفاءة، أو من أجل إصلاح ما قد يكون لحق بها من عطب أو ضرر·
 
كانت عملية نقلي إلى الورشة تبعث في نفسي سعادة غامرة لأسباب ثلاثة: الأول هو التخلص مما تراكم على جسدي من قاذورات وجراثيم مسببة للهرش، والثاني هو ملاقاة الحاويات الأخرى القادمات من مدن البحرين وقراها المختلفة، وتبادل الهموم والأفكار والأخبار معها عما حدث لنا، وعما ينتظرنا في القادم من الأيام، والثالث هو احتمال نقلي، بعد إتمام عملية التنظيف والتعقيم والتصليح، إلى مكان جديد قد يكون أفضل من مكاني السابق، من ناحية الشكل، ودرجة الضوضاء والازدحام، وأوزان المخلفات ونوعيتها، وطبيعة الناس المتعاملين معي·
 
فصول هذه الرواية، لئن كانت مجرد سرد لمذكرات شخصية دونتها عن رحلة الألم والمعاناة، والفرح والحبور، والسعادة والعذاب في البحرين، على مدى نحو عقدين من الزمن، فإنها في الوقت نفسه صفحات تحكي تاريخ أماكن وأزمنة وأناس وأحداث في هذا البلد، الذي قفز قفزات مشهودة سياسيا واقتصاديا وتنمويا وثقافيا، خلال السنوات التي تشرفت بالخدمة في ربوعه·

الصفحات