المجموعة القصصية "أقصى الحديقة" صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، وهي المجموعة القصصية الثامنة لميسلون هادي، وتضمنت خمس وعشرين قصة قصيرة.
قراءة كتاب أقصى الحديقة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
تجلس في الصف الأخير ··تخرج قبل النهاية
صباح النور تقولها أم الخيطان دون أن يسلم عليها أحد·· وتمد يدها ليد أخرى لا يراها أحد، فيبدو الأمر كما لو كان فعلاً هناك أحدٌ في البيت تسلم عليه·· تتحدث معه عن حقها القديم·· عن خريطة آسيا·· عن مسمار الحائط·· عن تاريخ العالم·· عن مُربَّى التين·· عن شادي وفادي·· عن أحدٍ ظلمها ولم ترد عليه·· أين·· وكيف؟·· لا تتذكر·· تقول فقط: شكراً وألفَ شكر·· ثم تبدأ الكلام مع جميع من غادروا وتركوها مع رائحة القمصان المكوية بالبخار··
- يا شادي·· تعال تعال·· يا فادي·· تعال تعال·
جلست أم الخيطان في الفيء وتساقط رماد سيكارتها إلى الأرض دون أن تشعر به·· الوجه الخالي من الزينة هو قناعها·· لن تستطيع النظر إلى نفسها وهي بلا زينة·· وليس أفضل من ذلك القناع الذي تغلق به الباب على نفسها·· لا تتزحزح من مكانها حتى وإن دفعها الحشد إلى الخلف·· ولا تكرر أخطاءها·· لأنها لا تخطئ·· الكرسي المحدد هو مكانها الذي لا تفارقه····· يتذكر الجميع اسمها ولا تتذكر هي اسم أحد·· تغلط كثيراً بالأسماء، ولكنها لا تدري أنها تغلط بالأسماء·· ليس الأقرباء وحدهم من تغلط بأسمائهم، ولكن الجيران والقطط والبلابل، ولا ننسى الفلاح الذي تناديه بعشرة أسماء في الزيارة الواحدة··
الزعماء وحدهم هم من لا تغلط بأسمائهم، لأنها تعيد خطاباتهم وتحفظ أجزاءً منها·· وكلها كذب·· يقولها رجال كذابون كورق القوبيا·· مقابل نساء نادرات من أول الشهر حتى نهايته·· تسمع شيئاً وتفكر بشيء آخر وتظل تفكر لحين انتهاء الخيط الأزرق من تثبيت الأزرار البيضاء على الثوب الأسود·· ملهى (ليالي الصفا)، الذي جاور مدرستها الثانوية، كان مكاناً للتخيل والتسكع·· تجلس في الصف الأخير وتخرج قبل النهاية·· وتقطع الخيط الأزرق بنابها المتبقي فوق ناب سفلي·· فتذكرها رائحة الورد بليالي الصفا·· تذكرها بسليمة باشا تغني (يا نبعة الريحان حنّي على الولهان)·· الجرس عاطل والهاتف لايرن·· ترررن ترن ترن·· ولا أحد يرد·· ترررن ترن ترن ثم ترد على نفسها:
- منو؟
- آني·