أنت هنا

قراءة كتاب يا صاحبي السجن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
يا صاحبي السجن

يا صاحبي السجن

رواية "يا صاحبي السجن" للشاعر والروائي الأردني د. أيمن العتوم ، صدرت في طبعتها الثالثة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للعام 2013، وتحكي الرواية تجربة الشاعر بين عامي 1996 و 1997.

تقييمك:
3.66665
Average: 3.7 (3 votes)
الصفحة رقم: 3
(يَقُصُّ الحَقَّ)
 
عجلون الّتي ترتفع في سماء التّاريخ شامخة، هي أمّ بارّة بأبنائها··· وأنا أحد أبنائها··· دَعَتْني ذات مساءٍ إلى قلعتها، وحين تدعوك أمّ مثلها، فلا يمكن أن تتأخّر أو تتذرّع بالأعذار الواهية··· تعرف هذه الأمّ أنّ الشّاعر السّاكن في أعماقي أبرّ بها منّي، فلا تفوّت فرصةً واحدة لمثل هذا اللّقاء دون أن تستميله بقصيدة ينثرها لئالئ أمام قدميها، طالبًا منها الدّعاء···
 
لبّيتُ، وشعورٌ بالحميميّة يغمر كياني، وهُرعت إلى حيثُ كَتَبَ صلاح الدّين على حجارتها تاريخ الحرّيّة والشّهادة، بدماء لم تسل هدرًا وهي تحفظ لنا عالَمنا في البقاع المباركة، الخالدة بخلود آيةٍ في كتاب الله العزيز···
 
لم أصبح نقابيًّا بعدُ، حين دعتني نقابة أطبّاء الأسنان إلى تلك الأمسية الشّعريّة الطّافحة· وصعودًا إلى قمّتها حيثُ القلعة، ثمّ صعودًا آخر إلى حيث قمّة القلعة، وقفتُ في مهبّ الرّيح، أتلو نشيدي، أو قل نشيجي؛ فمنذ أن احترفت الشّعر، واحترقت بلهبه المُقدّس، كان صوت بُكائي يرافقني أكثر ممّا يرافقني إيقاع غنائي، ولكَ أن تُسمّي غنائي - إن كان موجودًا يومها - بُكاءً بلون الحُرقة··· وقفتُ كأيّ مواطن أتلو يوميّاتي في القلعة، وابتدأ الإيقاع على لحن الجوع والفقر في قصيدة: (يوميّات مواطن)، ولعلّ الشّعور بالجوع يورثُ النّقمة لدى بعض المُترَفين، أو لعلّك ترتكب جريمة، حين تفتح عيون المُتخَمين على واقع الجوع والفقر والتّهميش، ولعلّ شاعرًا مثلي لم يكن يحقّ له - في عرف الدّولة بالطّبع - أن ينحاز إلى جانب الفقراء··· بل تعوّدتِ الدّولة على شعراء من نوعٍ خاصّ؛ شعراء يلهثون وراء بريق المنصب والشّهرة والمال، فيبيعون كلّ شيء من أجل الحصول على شيء من ذلك البريق··· وأنا أعترف اليوم أنّه بريقٌ خُلّب، يخدع المضبوعين، وأولي النّظر القصير··· تعوّدتِ الدّولةُ على شعراء السّلاطين، وقلّما ينهض في الأردنّ شاعر يخرج عن هذه الدّائرة، ولأنّني رسمتُ لنفسي دائرتي الخاصّة البعيدة عن الزّعيق والتّطبيل والتّزمير، كنتُ عرضةً لسهامهم، وكنتُ هدفًا سهلاً لبنادق صيدهم - ربّما - وأنا أغرّد خارج السّرب··· غير أنّ الطّيور تحمل غريزة الحريّة قبل كلّ شيء، وهي الّتي تدفعها للغناء، بل هي الّتي تُحافِظُ على صوتها··· آه لولا توقنا إلى الحرّيّة لفقدنا أصواتنا منذ زمنٍ بعيد···

الصفحات