أنت هنا

قراءة كتاب ابحث عن نفسي - الجزء الثالث

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ابحث عن نفسي - الجزء الثالث

ابحث عن نفسي - الجزء الثالث

رواية "أبحث عن نفسي" الجزء الثالث من ثلاثية للروائية البحرينية " فتحية ناصر"؛ الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، هي ثلاثية من عشرة فصول رئيسية وأربعين باب، تناقش الصراعات الداخلية في النفس البشرية والتناقضات التي يعيشها الإنسان عبر التطرّق لكل ما ي

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
بل إن هذا يجب أن يسعدني فأخيراً، نال وجودي قبول فئة من الناس في هذا الوطن·····
 
لو أن أبي علّمني صلاته·····
 
 كانت تلك ستة أشهر· (من نوفمبر إلى مايو 91). نزعت عن كتفيّ خلالها الخيوط الحمر التي تشير إلى أنني تحت التدريب، وأصبحت رسمياً ممرضة مؤهلة نلت وظيفتي في تلك الفترة، وعملت على ترتيب إجازتي لتكون أسبوعياً يوم الخميس لكي أحضر درس أم عامر· وكنت أستثمر كل ثانيةٍ من وقت الفراغ الذي يكون عندي في العصر أو الليل في القراءة·
 
ستة أشهر كانت مرحلةَ التحول· قصيرةٌ قياساً لسالكين آخرين قضوا سنين· أما الحجاب فقد التزمت بلبسه فيما عدا زياراتي إليك· وظننت أن أبي سيعترض لكنه لما رآني أرتديه لم يعلق بشيء· لا خير ولا شر·
 
خلال الأشهر الستة تلك تعرفت أيضاً على أم سلمان، وأحبتني··· كانت إنسانة بسيطة، على سجيتها· تحضر أحياناً دروس ابنتها، وأحياناً تفضّل الجلوس مع جاراتها للخوض في الأحاديث، ضاربةً بعرض الحائط الدروس، متسليةً معهنّ بشرب (القدو)!· كانت أم سلمان الوحيدة التي تسمح لها أم عامر بالتخلف عن الدرس (احتراماً لها)!!!· وبما أنني كنت أبقى بعد كل درس لبعض الوقت أتحدث مع أم عامر، فقد كان طبيعياً أن تدعوني أم سلمان للعشاء معهم· كانت وجباتهم دائماً بسيطة··· سندويشات جبنه أو نخي؛ روب وباجلا؛ بيض مقلي مع الطماطم أو لوبياء·
 
كانت لحظات تسعدني·· أن أرى أفراد عائلة ومجموعة من الصغار مجتمعين حول صينية صغيرة وطعام متواضع· 
 
كم جميلٌ أن يحظى الإنسان بإخوة يشاركونه العشاء ويتنازعون اللقمة من ناحيته أحياناً··
 
استأذنتني أم سلمان بعد مرات عدة في أن يتناول معنا سلمان عشاءه لأنه لا يحب أن يأكل وحده قالت: إنه مثل أخيك
 
جلس على استحياء أمامي وأنا في تلك العباءة والحجاب الأسود أبتسم مخفضةً رأسي·
 
طبعاً لم تكن أمه تعرف أنه يكلمني·
 
بعدما عدت إلى البيت اتصل بي؛ قال··
 
بدوتِ جميلةً وأنتِ تأكلين معنا، وأنت ترتدين العباءة··· فهل يتحقق مناي بأن تصبحي فرداً منا···
 
لم تكن تلك الأمنية بعد كل ما تغيّر في حياتي مستحيلة·· لقد أحببت تلك العائلة حتى صار لا غنى لي عنها·
 
طوال الأشهر الستة كنت أستمع لأحلام سلمان؛ وكثيراً ما شاركته الحلم سراً في داخلي·· نسيت أنني في الأصل أسعى لتعذيبه بحبي·
 
قال إنه سيجمع المال ليشتري أرضاً ويبنيها؛ بيتاً لنا ثم سيوفر مبلغاً آخر يفتتح به محلاً صغيراً، وقال خجلاً إنه لن يستطيع الصبر حتى يبني ذلك البيت، فلعلّي أحنّ عليه وأقبل أن أعيش بضعة أعوام في بيت أهله··
 
قال في حبي الكثير··
 
وبدا لي أكثر نقاءً·· وحبه أكثر صفاءً··
 
ربما لأنني بدأت أصبح أنقى فرأيته نقياً··

الصفحات